مذكّى ، لأصالة عدم التذكية.
نعم ، لو منعنا جريان أصالة عدم التذكية وقلنا بأنّ محتمل التذكية بحكم المذكّى ، أشكل الاستدلال بالرواية للمدّعى ، لإمكان تنزيل إطلاق نفي البأس على صورة الشكّ في التذكية ، وكون التفصيل بين النعل والخفاف وغيرهما من لباس الجلود بواسطة احتمال كونها من غير المأكول ، فليتأمّل.
ويدلّ على نفي البأس عنه أيضا : رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «كلّ ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكّة الإبريسم والقلنسوة والخفّ والزنّار (١) يكون في السراويل ، ويصلّى فيه» (٢) فإنّ الجمع بين التمثيل ـ للقاعدة المذكورة في الرواية ـ بالخفّ وغيره مع أنّ احتمال مانعيّة الخفّ من الصلاة بحسب الظاهر إنّما هو بلحاظ كونه جلد الميتة أو متنجّسا أو من غير المأكول ، فذكره في عداد الأمثلة يكشف عن أنّ المقصود بالكلّيّة ليس بيان ضابطة في خصوص الحرير ، بل هي قاعدة مسوقة لبيان اختصاص الشرائط التي اعتبرها الشارع في لباس المصلّي بما تتمّ فيه الصلاة دون غيره.
وإن شئت قلت : إنّ مقتضى عموم قوله : «كلّ ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه» إنّما هو جواز الصلاة في كلّ شيء من شأنه عدم جوازها فيه لو كان ممّا تتمّ فيه الصلاة ، وذكر الأمثلة مع اختلاف جهات المنع فيها يؤكّد هذا العموم.
ولا يعارضه شيء من الأخبار الدالّة على اشتراط الطهارة أو كونه غير ميتة ،
__________________
(١) الزّنّار : ما يلبسه الذمّي يشدّه على وسطه. لسان العرب ٤ : ٣٣٠ «زنر».
(٢) التهذيب ٢ : ٣٥٧ / ١٤٧٨ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب لباس المصلّي ، ح ٢.