وثالثا : بعدم تأثير مثل ذلك في المنع مع إطلاق الأمر بالغسل المتحقّق بالقليل والكثير (١).
وعن الذخيرة بعد نقل ما في المدارك الاعتراض على ما ذكره ثالثا بقوله : وفي الأخير نظر ، لأنّه ليس في الأدلّة ـ فيما أعلم ـ ما دلّ على الأمر بالغسل في كلّ مادّة بحيث يشمل مورد النزاع ، لاختصاصها بالبدن والثوب وبعض الموارد الخاصّة ، فتعدية الحكم إلى غيرها تحتاج إلى دليل (٢). انتهى.
وأجيب عن ذلك : بأنّه يستفاد من تتبّع الأخبار وكلمات الأصحاب أنّ كلّ جسم متنجّس حاله حال الثوب والبدن في قبوله للتطهير ، والتشكيك في ذلك سفسطة.
وكيف كان فالذي يقتضيه التحقيق أنّ ما كان من هذا القبيل فإن كان ممّا لا ينفذ فيه الماء إلّا وهو خارج من حقيقته كالقند والسّكر وما جرى هذا المجرى ، فهو كالمائعات المضافة غير قابل للتطهير لا بالقليل ولا بالكثير. وإن لم يكن كذلك ـ كالأمثلة المتقدّمة ـ فيطهر بغسله في الكثير النافذ في أعماقه بلا تأمل في ذلك ، بل عن بعض نفي الخلاف فيه (٣).
نعم ، يظهر من طهارة شيخنا المرتضى رحمهالله نوع تردّد في قبول مثل الصابون والحنطة والسمسم وغيرها من الأمثلة المذكورة للتطهير بالكثير أيضا ، نظرا إلى قوّة احتمال كون ما ينفذ في أعماق مثل هذه الأشياء أجزاء لطيفة مائيّة يشكّ في
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٣٣١.
(٢) حكاه عنها البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ، وانظر : ذخيرة المعاد : ١٦٣.
(٣) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٧٩ عن صاحب المعالم فيها (قسم الفقه) : ٣٧٨.