هذا ، مع إمكان تقييد الأمر بالإعادة في هاتين الروايتين بما إذا تعذّرت الإزالة من غير إيجاد المنافي ، كما هو الأغلب ، جمعا بينهما وبين الأدلّة المتقدّمة ، فليتأمّل.
وكيف كان فعمدة ما يصحّ الاستناد إليه للقول بالبطلان ووجوب الاستئناف فيما لو علم في الأثناء بسبق النجاسة على الصلاة إنّما هي صحيحة زرارة ، المتقدمة (١) ، ويؤيّده بل يشهد له أيضا رواية سماعة ، الآتية (٢) في الناسي ، ولا يعارضهما شيء من الأدلّة المتقدّمة.
أما ما ذكرناه في تقريب الاستدلال بأخبار الرعاف والأخبار الدالّة على معذوريّة الجاهل ، وأنّ الطهارة الظاهريّة شرط واقعيّ للصلاة من أنّه يستفاد من مجموعها حكم هذا الفرع : فهو ممّا لا ينبغي الالتفات إليه في مقابلة الصحيحة المصرّحة بحكمه ، فإنّه اجتهاد في مقابلة النصّ.
وأمّا حسنة ابن مسلم ، الدالّة على وجوب الإزالة والمضيّ مع الإمكان : فيمكن تقييدها بما إذا احتمل طروّ الدم في أثناء الصلاة ، جمعا بينها وبين هذه الصحيحة.
وكذا موثّقة داود بن سرحان ورواية عبد الله بن سنان ، الدالّتان على وجوب المضيّ ، فإنّهما ـ كالحسنة ـ قابلتان للتقييد.
هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ ارتكاب التقييد في مثل هذه الروايات ـ مع أنّ الغالب أنّ من رأى الدم في ثوبه في الأثناء يعلم بسبقه على الصلاة ـ بالصحيحة مع
__________________
(١) في ص ٢٢٣.
(٢) في ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨.