وحيث لا يحتمل عادة إصابة المنيّ للثوب وهو في الصلاة لا يستفاد من هاتين الروايتين أيضا إلّا وجوب الإعادة فيما لو علم بنجاسة سابقه عليها.
لكن يمكن الخدشة في دلالتهما على وجوب الإعادة فيما هو محلّ الكلام.
أمّا صحيحة ابن مسلم : فالظاهر أنّها مسوقة لبيان حكم من صلّى مع النجاسة ، والمراد بها بحسب الظاهر أنّه إن رأى النجاسة قبل الصلاة وصلّى معها أو رآها في الأثناء وأتمّها ، فعليه الإعادة ، وإن رآها بعد الفراغ ، فلا شيء عليه.
وأمّا رواية أبي بصير : فيحتمل قويّا أن يكون المقصود بالسؤال حكم من علم قبل الصلاة بأنّ الثوب فيه جنابة ، لكنّه غفل عن ذلك حين الدخول في الصلاة أو نسيه أو اشتبه عليه فلم يعلم أنّ ما يصلّي فيه هو ذلك الثوب النجس ، فلمّا صلّى ركعتين علم بذلك ، لا أنّه كان جاهلا بالجنابة رأسا وحصل له ابتداء العلم بوجودها في الثوب في أثناء الصلاة ، كما هو محلّ الكلام ، فإنّه فرض بعيد ربما ينصرف عنه وجه السؤال ، كما يؤيّده تذكير الضمير ، الظاهر في رجوعه إلى الثوب.
وهذا الاحتمال لو لم نقل بأرجحيّته من احتمال كون الرواية مسوقة لبيان حكم الجاهل الذي حصل له العلم ابتداء في أثناء صلاته بأنّ في ثوبه جنابة ، أو مكافئة الموجبة لسقوطها عن حدّ الاستدلال ، فلا أقلّ من كونه توجيها قريبا تخرج به الرواية من صلاحيّة المعارضة لحسنة ابن مسلم ، وغيرها من الأدلّة المتقدّمة الدالّة على وجوب المضيّ مع الإمكان.
وكذا ما ذكرناه في توجيه الصحيحة المتقدّمة عليها.