جواز الترك ـ مدفوع : بما تقدّمت الإشارة إليه مرارا من أنّ هذا النحو من الجمع في الأخبار المتناقضة بحسب الظاهر ما لم تشهد له قرينة داخليّة أو خارجيّة مشكل ، بل الأظهر في مثل المقام هو الرجوع إلى المرجّحات الخارجيّة ، وردّ علم المرجوح إلى أهله.
وبهذا ظهر لك الجواب عن الاستدلال بصحيحة العلاء من أنّها لا تنهض حجّة في مقابلة الأخبار المتقدّمة ، خصوصا مع شذوذها وندرة العامل بها واعتضاد ما يعارضها بالشهرة ونقل الإجماع.
هذا ، مع ما في بعضها من قوّة الدلالة على الوجوب ، وبعد ارتكاب التأويل فيها بالحمل على الاستحباب.
واستدلّ للقول بعدم الإعادة أيضا : بأنّه صلّى صلاة مأمورا بها ، والأمر يقتضي الإجزاء.
وبعموم ما دلّ على رفع الخطأ والنسيان (١).
وفيه : أنّ استفادة ارتفاع الجزئيّة والشرطيّة الثابتة بإطلاقات الأدلّة من حديث الرفع مشكل ، كما تقرّر في محلّه.
وأمّا الدليل الأوّل : ففي كلتا مقدّمتيه نظر بل منع ، فإنّ ما يأتي به الناسي يتوهّم كونه مأمورا به ، وليس كذلك ، وعلى تقدير كونه مكلّفا في الظاهر بما يراه مأمورا به فهو لا يقتضي الاجتزاء به عمّا هو تكليفه في الواقع بحيث لا يجب عليه تداركه عند انكشاف خطئه ، كما تقرّر في محلّه.
__________________
(١) كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ ، نقلا عن الطبراني في المعجم الكبير.