الفرض ، لأنّه يصحّ أن يقال : إنّ هذا الكرباس الذي صار ثوبا آخر حال كونه قميصا لاقى نجسا ، وشكّ في بقاء نجاسته بعد أن تغيّرت هيئته الخاصّة ، فليستصحب نجاسته ، لكن لو تبدّل الكرباس بكرباس آخر بأن تفلّل ونسج من خيوطه كرباس آخر ، لم يجر الاستصحاب ، إذ لا يصدق عليه حينئذ أنّ هذا الكرباس لاقى نجسا.
ولو قال : كلّ جسم لاقى نجسا ينجس ، جرى الاستصحاب في هذه الصورة أيضا : لأنّه يصحّ أن يقال : هذا الجسم بعينه لاقى نجسا قبل صيرورته بهذه الكيفيّة الخاصّة ، فلم يتغيّر الموضوع ، ولكن لو تغيّرت ذات الجسم بأن صار الكرباس ترابا أو رمادا ، لم يجر الاستصحاب أصلا ، سواء قال : كلّ جسم ، أو كلّ ثوب ، أو كلّ شيء ، إذ بعد الاستحالة لا يصدق عليه أنّ هذا الشيء بعينه لاقى نجسا حتّى يستصحب حكمه ، لأنّ الكرباس الذي لاقى النجاسة عقلا وعرفا شيء آخر مغاير للتراب والرماد ، ومجرّد مشاركتهما في الجسميّة لا يصحّح جريان الاستصحاب ما لم يطلق عليه عرفا أنّ هذا الشيء بعينه لاقى النجس ، كما هو واضح.
نعم ، لو لم تكن المغايرة على وجه عدّ الفرد الآخر في أنظار العرف أمرا مغايرا للفرد الأوّل وإن كان الأمر كذلك بالتدقيق الحكمي بل كان بنظر العرف من أنحاء وجود الفرد الأوّل ، جري الاستصحاب ، كما لو تبدّل سواد شديد بسواد ضعيف ، وشكّ في بقاء حكمه ، فإنّ أهل العرف يزعمون أنّ هذا السواد بعينه هو اللّون الأوّل وقد ذهبت شدّته ، فيستصحبون حكمه بعد أن علموا بحجّيّة الاستصحاب ، كما أنّهم يستصحبون نجاسة الحنطة المتنجّسة عند صيرورتها طحينا والطحين عجينا والعجين خبزا ، إلى غير ذلك من الأمثلة التي يشهد العرف