ببقاء الشيء الأوّل وعدم تغيّره إلّا من حيث الأوصاف التي لا مدخليّة لها في قوام ذاته التي هي لدى العرف معروض النجاسة.
ولعلّ من هذا القبيل ما لو صارت الخشبة المتنجّسة فحما ، إذ لا يبعد أن يدّعى أنّ الفحم لدى العرف هو بعينه ذلك الجسم الملاقي للنجس وقد تغيّرت صفته ، فيتّجه حينئذ استصحاب نجاسته على تقدير الشكّ في بقائها ، وإن أنكرنا ذلك ، لم يجر الاستصحاب.
وكذا لو شككنا فيه ، فإنّ إحراز الموضوع شرط في جريان الاستصحاب ، واستصحاب بقاء الموضوع لا يجدي في إثبات نجاسة الفحم ، كما تقرّر في محلّه.
وبهذا ظهر لك وجه اختلاف الأصحاب في حكم الفحم.
ولكن مقتضى ما ذكره شيخنا المرتضى رحمهالله من أنّ معروض النجاسة هو الجسم من حيث كونه جسما ، وما ذكره الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ أنّ كل جسم لاقى نجسا ينجس كلّي انتزاعيّ من العناوين الخاصّة : عدم جريان الاستصحاب في الفرض وإن صدق عرفا كونه بعينه هو ذلك الجسم ، فإنّ وصف الخشبية التي هي من العناوين الخاصّة زال قطعا ، فلا مجال للاستصحاب.
لكن هذا إذا بنينا على مراجعة الأدلّة الشرعيّة في تشخيص الموضوع ، وإلّا فلا يترتّب على دعوى كون العموم كلّيّا انتزاعيّا فائدة بناء على ما هو التحقيق ومرضيّ الشيخ رحمهالله من الرجوع إلى العرف ، فإنّ الموضوع لدى العرف ليس إلّا جسم الملاقي ، فالثوب الملاقي للنجس ما دام بقاء جسمه ـ الذي هو القطن الخاصّ ـ لو شكّ في بقاء نجاسته تستصحب نجاسته ، وكذا السرير وغيره من