ولا ينافيه الخبران المتقدّمان (١) كما هو واضح.
هذا ، مع وقوع التصريح بالكيل في روايتي عمّار ، الواردتين في كيفيّة طبخ نقيع الزبيب ، المتقدّمتين (٢) في مبحث العصير.
لكنّك عرفت في ذلك المبحث قصورهما عن إفادة كون التثليث لزوال التحريم ، فلا يخلو الاستدلال بهما للمدّعى عن مناقشة ، فليتأمّل.
واعلم أنّهم قد عدّوا من المطهّرات الانتقال والإسلام ، وقد أهملهما المصنّف رحمهالله ، كما أنّه أهمل الاستحالة أيضا ، عدا قسم منها ، وهو ما أحالته النار.
ولعلّ وجهه عدم كون هذه الأمور مطهّرات حقيقة ، بل هي مؤثّرات في رفع موضوع النجاسة ، فيتبعه حكمه ، فما صنعه غيره من عدّ مثل هذه الأمور من المطهّرات مبنيّ على المسامحة.
وأمّا وجه التعرّض لخصوص ما أحالته النار فهو ما نبّهنا عليه آنفا من استشعار مطهّريّة النار بنفسها ـ كالشمس ـ أو استظهارها من بعض الأخبار ، القاصر عن إثباتها.
وكيف كان فالمراد بالانتقال هو حلول النجس في محلّ آخر حكم الشارع بطهارته عند إضافته إلى ذلك المحلّ ، كانتقال دم ذي النفس إلى غير ذي النفس من القمّل والبقّ ونحوهما.
وقد مثّل له أيضا : بانتقال الماء المتنجّس إلى باطن النبات والشجر.
وتنقيح المقام : أنّ الانتقال قد يكون موجبا لانقلاب الموضوع واستحالته
__________________
(١) أي : رواية عقبة بن خالد ، وخبر ابن أبي يعفور ، المتقدّمان في ص ٢٩٩.
(٢) في : ج ٧ ، ص ٢١٢ ـ ٢١٣.