وأمّا بواطن الإنسان : فلا ينبغي الارتياب في طهارتها بعد زوال العين وإن صحبتها رطوبات ملاقية للعين ، كما هو الغالب فيها ، لقضاء الضرورة به في الجملة فضلا عن انعقاد الإجماع عليه ، كما صرّح به غير واحد.
ويدلّ عليه ـ مضافا إلى ذلك ـ ما رواه عبد الحميد بن أبي الديلم ، قال :قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل يشرب الخمر فيبصق فأصاب ثوبي من بصاقه ، قال : «ليس بشيء» (١).
ويؤيّده الأخبار المستفيضة الواردة في الاستنجاء ، وفي دم الرعاف ، المتقدّمة في محلّها ، التي وقع فيها التصريح بأنّه إنّما يغسل الظاهر لا الباطن ، فلا شبهة في أصل الحكم إجمالا ، وإنّما الإشكال في أنّه هل تنجس البواطن وكذا بدن الحيوانات بوصول النجاسة إليها ، فيكون زوالها مطهّرا لها ، أم لا تنجس من أصلها ، فيكون على هذا التقدير عدّه من جملة المطهّرات مبنيّا على المسامحة؟ لكن لا يترتّب على حلّ الإشكال فائدة مهمّة عدا استصحاب نجاسة المحلّ عند الشكّ في بقاء الحالّ للحكم بنجاسة ما يلاقيه ، كما تقدّم التنبيه عليه في مبحث الأسئار ، وعرفت في ذلك المبحث أنّ استصحاب نفس العين غير مجد في الحكم بنجاسة الملاقي ، فراجع.
نعم ، لو قلنا بأنّ طهارة الباطن أيضا كطهارة الظاهر شرط في صحّة الصلاة ونحوها ، ولم نقل بمانعيّة حمل النجس من حيث هو ، لترتّبت عليه ثمرة مهمّة ، لكنّ المبنى فاسد ، لعدم الدليل عليه.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٨٢ / ٨٢٧ ، الإستبصار ١ : ١٩١ / ٦٧٠ ، الوسائل ، الباب ٣٩ من أبواب النجاسات ، ح ١ ، بتفاوت يسير.