وكيف كان فالإشكال إنّما هو فيما لو أصابت البواطن نجاسة خارجيّة ، وأمّا النجاسة الواصلة إليها من الجوف فضلا عن النجاسة المتكوّنة فيها فلا ينبغي الاستشكال في عدم كونها مؤثّرة في تنجيسها ، لعدم الدليل على ثبوت الآثار للنجاسات قبل بروزها في الخارج ، لانصراف ما دلّ عليها من النصّ والإجماع عمّا لم تخرج ، بل ربما يدّعى الإجماع على أنّه لا أثر لها ما دامت في الباطن ، ولذا حكم بطهارة ماء الحقنة أو الإبرة النافذة في الجوف ، ونحوها إذا خرجت نقيّة ، بل قد يقال بقصور ما دلّ على نجاسة ملاقيات النجس عن شمول البواطن الملاقية له وإن كانت النجاسة خارجيّة ، لأنّ مستند الحكم بالنجاسة إمّا النصّ أو الإجماع ، ولا يخفى أنّ النصوص الدالّة عليه موردها الثوب وظاهر البدن والأواني وأشباهها ، فلا يتخطّى عن موردها إلّا بالإجماع ، ولا إجماع في الفرض لو لم ندّع الإجماع على خلافه.
وفيه ما عرفته عند التكلّم في قبول بعض الأشياء ـ الغير القابلة للعصر ـ للتطهير من أنّ مقتضى الأصل الأوّلي المستفاد من تتبّع النصوص والفتاوى المعتضدة بمغروسيّته في أذهان المتشرّعة إنّما هو نجاسة الأجسام الملاقية للنجس مطلقا ، ولذا لا يتوهّم أحد فرقا في سائر الأشياء بين ظواهرها وبواطنها ، وإنّما نشأ الشكّ في خصوص المقام من العلم بأنّه لا أثر للنجاسات الملاقية للبواطن بعد زوال عينها ، فحيث لم يعهد كون زوال العين من المطهّرات في الشريعة يشكّ في كون الكلّيّة المستفادة من النصوص والفتاوى مخصّصة بالنسبة إليها ، فالأوفق بالقواعد إبقاء القاعدة على عمومها ، والالتزام بكون زوال العين من