الروايات ـ بواسطة المناسبة المغروسة في الذهن من اشتراط كون المطهّر طاهرا ـ إنّما هو إرادة الأرض الطاهرة.
وربما يستدلّ له أيضا بقوله في صحيحة الأحول : الرجل يطأ في الموضع الذي ليس بنظيف ثمّ يطأ بعده مكانا نظيفا ، قال : «لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا» (١) فإنّ ضمير «كان» يعود إلى ما فرضه السائل ، فيستفاد منه اشتراط الخصوصيّة.
وفيه : أنّ عود الضمير إلى ما كان مفروضا في السؤال لا يقتضي كون الخصوصيّة المفروضة فيه من مقوّمات موضوع الحكم ، فهذه الرواية لا تصلح أن تكون مقيّدة لغيرها من الروايات.
وأضعف من ذلك : ما في الحدائق من الاستدلال له بقوله صلىاللهعليهوآله في الأخبار الكثيرة : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» (٢) نظرا إلى أنّ الطهور لغة هو الطاهر المطهّر ، وهو أعمّ من أن يكون مطهّرا من الحدث والخبث (٣).
وفيه ـ بعد تسليم العموم ـ أنّه لا يستفاد من هذه الروايات إلّا أنّ الله تعالى جعل الأرض في حدّ ذاتها كالماء طهورا ، وهذا لا يدلّ على ارتفاع وصف مطهّريّتها عند عروض صفة النجاسة لها بأسباب خارجيّة.
ولو قيل : إنّ الجعل إنّما تعلّق بالأرض الطاهرة لا بذات الأرض ، لأنّ
__________________
(١) تقدّم تخريجها في ص ٣٢١ ، الهامش (٥).
(٢) الفقيه ١ : ١٥٥ / ٧٢٤ ، الخصال : ٢٠١ / ١٤ ، و ٢٩٢ / ٥٦ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب التيمّم ، الأحاديث ٢ ـ ٤ ، وكذا في صحيح البخاري ١ : ٩١ و ١١١ ، وسنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ / ٥٦٧ ، وسنن الترمذي ٢ : ١٣١ ، ذيل ح ٣١٧ ، وسنن النسائي ٢ : ٥٦ ، وغيرها.
(٣) الحدائق الناضرة ٥ : ٤٥٧.