طهارتها من حيث الذات كانت متحقّقة قبل الشريعة ، فجعلت للنبيّ صلىاللهعليهوآله طهورا بأن أعطيت مرتبة الكمال من الطهارة التي يعبّر عنها بصيغة المبالغة ، وهي الطهارة المسرية إلى الغير ، وتفسير الطهور بالطاهر المطهّر بحسب الظاهر إنّما هو بهذه الملاحظة ، لا أنّ اللفظ مستعمل في المعنى المركّب ، كما تقدّمت الإشارة إليه في صدر الكتاب ، فيختصّ مورد الجعل بالأرض الطاهرة ، إذ لا معنى لتشديد طهارة ما ليس بطاهر.
قلنا : على هذا التقدير أيضا متعلّق الجعل بحسب الظاهر هي ذات الأرض التي هي طاهرة بالذات ، لا الأرض المقيّدة بكونها طاهرة بالفعل ، فهي قضيّة طبيعيّة ، نظير «أحلّ الله الغنم» لا تدلّ على أنّها بعد عروض وصف النجاسة ، الموجب لارتفاع وصف طهوريّتها لا تطهّر شيئا حتّى يخصّص بها غيرها من الأدلّة المطلقة.
ولو سلم ظهورها في تعلّق الجعل بالأرض الطاهرة بالفعل ، فهو أيضا غير مجد لإثبات المدّعى ، لأنّه لا ينفي مطهّريّة غيرها ، إذ لا اعتداد بمفهوم اللقب ، إلّا أن يقال : إنّ ورودها في مقام الامتنان يجعلها ظاهرة في الانحصار.
وفيه تأمّل ، كما أنّ في جميع مقدّماته نظرا أو منعا.
تنبيه : لمّا أهمل المصنّف رحمهالله حكم ماء المطر عند البحث عن أحكام المياه مع أنّ له حكما خاصّا ـ وهو أنّ قطراته النازلة من السماء ـ مع كونها مياه قليلة منفصلة (١) بعضها عن بعض ، متقوّم (٢) بعضها ببعض ، ومعتصمة بوصفها
__________________
(١) كذا ، والظاهر : «منفصل».
(٢) في «ض ١١» : «متقوّ».