ذلك المكان القذر ، فلا بأس ، في مقابل ما لو بقي في ذلك المكان.
ويحتمل أيضا أن يكون المراد بالاشتراط بيان ما هو مناط الحكم بأن يكون المقصود أنّه إذا تحقّق الجريان لماء المطر ، فلا بأس به ، وما لم يتحقّق له هذه الصفة فهو ماء قليل لاقى نجسا فينجس ، فعلى هذا تنهض الرواية دليلا للقول المحكيّ عن الشيخ الذي ستسمعه (١).
وهذا الاحتمال وإن كان قريبا في حدّ ذاته بل هو أقرب الاحتمالات المتطرّقة في الرواية بالنظر إلى نفسها مع قطع النظر عن سائر الأخبار ، وأمّا بملاحظتها فلا بدّ من حملها على سائر المحامل ، أو ردّ علمها إلى أهله ، فإنّ ظاهر قوله : «إذا جرى» إرادة الجريان الفعليّ ، واختصاص الطهارة بالماء الذي حصل له صفة الجريان بالفعل.
وهذا ممّا ينافيه سائر الأخبار حتّى ما رواه عليّ بن جعفر [عن أخيه] (٢) عليهالسلام في ذيل هذه الرواية من نفي البأس عن ماء المطر الذي صبّ فيه الخمر.
ولذا حملها بعض المتأخّرين على الجريان التقديريّ ، أي بلوغ المطر حدّا يكون من شأنه الجريان في الأماكن المعتدلة ، جمعا بينها وبين سائر الروايات.
وفيه ـ مع أنّه ليس بأولى من حملها على بعض المحامل الأخر التي منها حملها على اعتبار الجريان في خصوص المورد لخصوصيّة فيه ، ككونه ممّا لو استقرّ المطر فيه ، أو لم يبلغ من الكثرة حدّا يجري لتغيّر بمجاورته ، كما يشعر بذلك ظهور السؤال في كون السطح معدّا لتوارد النجاسات عليه ، فمثل هذا السطح لا يطهر عادة إلّا بالمطر الغزير الذي يجري ، أولا يعتصم ماؤه عن التغيّر والانفعال
__________________
(١) في ص ٣٤٣.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «عنه». والصحيح ما أثبتناه.