إلّا على هذا التقدير ، أو غير ذلك من المحامل التي تقدّمت الإشارة إليها ـ أنّ هذا الحمل لا يجدي في رفع التنافي بين هذه الصحيحة وبين صحيحة هشام بن سالم ، الدالّة على إناطة طهارة الماء بأكثريّته من البول ، ضرورة أنّ البول الكائن على السطح إمّا مجرّد الأثر أو ما هو بمنزلته بحيث لا تكون إصابة أضعافه من المطر موجبة لجريانه خصوصا إذا كان المطر ناعما.
فما عن ظاهر ابن حمزة ـ من اشتراط اعتصام ماء المطر وكونه كالماء الجاري بجريانه بالفعل (١) ـ ضعيف.
وأضعف منه ما عن ظاهر الشيخ وابن سعيد من اشتراط جريانه من الميزاب (٢).
لكنّ الذي يغلب على الظنّ أنّ غرضهم التنبيه على الفرع الذي نبّهنا عليه من أنّ الماء الجاري من الميزاب ونحوه ما دام معتصما بالقطرات النازلة من السماء بحكم الماء الجاري ، لا أنّه يعتبر في مطهّريّة ماء المطر الجريان مطلقا أو من خصوص الميزاب ، كما نسب إلى ظاهر الأخيرين ، فلا بدّ في تحقيق حال النسبة من مراجعة كتبهم ، إذ الظاهر أنّه قد حصل الخلط بين المبحثين ، ولم يحضرني كتبهم حتّى اراجعها ، والعبارة المحكيّة عن ابن حمزة ليس فيها إشعار بالاشتراط ، فإنّه قال ـ على ما حكي عنه (٣) ـ : وحكم الماء الجاري من
__________________
(١) حكاه عنه صاحب كشف اللثام فيه ١ : ٢٥٨ ، وصاحب الجواهر فيها ٦ : ٣١٣ ، وانظر :الوسيلة : ٧٣.
(٢) حكاه عنهما صاحب كشف اللثام فيه ١ : ٢٥٨ ، وانظر : التهذيب ١ : ٤١١ ، ذيل ح ١٢٩٦ ، والمبسوط ١ : ٦ ، والجامع للشرائع : ٢٠.
(٣) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٦ : ٣١٣ ، وانظر : الوسيلة : ٧٣.