قال الشيخ رحمهالله : والنبيّ صلىاللهعليهوآله لا يأمر بطهارة المسجد بما يزيده تنجّسا (١) ، فلزم أن يكون الماء أيضا على طهارته.
واستشكل المصنّف رحمهالله في المعتبر بضعف الخبر ، ومنافاته الأصل ، لأنّ الماء المنفصل عن محلّ النجاسة نجس ، تغيّر أو لم يتغيّر (٢). انتهى.
ولا يخفى عليك أنّ أدلّة نفي الحرج على تقدير تحقّق موضوعها لا تقتضي إلّا العفو عن نجاسة المسجد ، لا طهارته بصبّ الماء عليه.
وأمّا الرواية فهي مع ضعف سندها لا تنهض حجّة لإثبات حكم مخالف للقواعد ، لكونها إخبارا عن قضيّة في واقعة مجملة الوجه ، فلعلّ المكان الذي أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بصبّ الماء عليه ممّا ينحدر عنه غسالته إلى خارج المسجد أو في بالوعة ونحوها ، أو كان رملا يطهّر ظاهره بإجراء الماء عليه ، ولم يكن الواجب إلّا تطهير ظاهر المسجد ، أو كان الأمر بالصبّ لتوفير البلّة واستهلاك العين لأن تجفّفها الشمس ، إلى غير ذلك من المحتملات.
فالأظهر أنّه لا فرق بين الأرض وبين غيرها ممّا شابهها ـ من الأشياء الغير القابلة للعصر ـ في كيفيّة التطهير ، ولا بين غسالتها وغسالة سائر الأشياء ، فإن كانت الأرض رخوة يرسب الماء فيها ولا تنفصل غسالته عنها ، أشكل تطهيرها بالماء القليل ، كما عرفته عند البحث عن أحكام النجاسات وكيفيّة تطهير المتنجّسات الغير القابلة للعصر ، والله العالم.
__________________
(١) في المصدر : «تنجيسا».
(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ، وانظر : الخلاف ١ : ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ، المسألة ٢٣٥ ، والمعتبر ١ : ٤٤٩.