اتّحاده مع الاستعمال للآنية حقيقة لا مسامحة ، واتّصاف مثل هذه الأفعال ـ التي لا تتحقّق ماهيّتها إلّا بعد تناول الشيء من الآنية ـ بكونها استعمالا للآنية ليس إلّا من باب التوسعة والمسامحة العرفيّة ، وإلّا فنفس هذه الأفعال لو لوحظت بنفسها لا تتّصف عرفا بكونها استعمالا لها ، لكن الأخبار المستفيضة دلّت على حرمة الأكل والشرب ، فنلتزم بها ، وأمّا الوضوء ونحوه فلم يتعلّق به بعنوانه الخاصّ نهي شرعيّ ، وإنّما دلّ الدليل على حرمة استعمال الآنية ، فما لم يتحقّق الاستعمال بنفس الوضوء من حيث هو لا يحرم.
فما عن المشهور من الحكم بصحّة الوضوء لا يخلو عن قوّة ما لم تكن الآنية من المقدّمات المنحصرة المانعة من تنجّز التكليف ، وكان الوضوء بالاغتراف منها ، لا بالارتماس فيها.
وعن كاشف اللثام التصريح بصحّته في صورة الارتماس أيضا (١).
وهو ضعيف ، لاتّحاده حينئذ في الوجود مع الاستعمال المحرّم ، فلا يصحّ.
والمرجع في تشخيص الإناء والآنية والأواني هو العرف ، كما عن جماعة التصريح بذلك (٢).
وعن جلّ اللّغويّين إيكال معرفة الإناء إلى العرف ، فلم يذكروا في تفسيره
__________________
(١) لم نعثر على الحاكي عنه فيما بين أيدينا من المصادر ، ولا على المحكي في كشف اللثام ، بل فيه ـ ج ١ ، ص ٤٩٤ ـ هكذا : (لو تطهّر من آنية الذهب أو الفضة أو) الآنية (المغصوبة) بالاغتراف منها أو الصبّ منها في اليد ثمّ التطهير بما في اليد ، لا بوضع الأعضاء فيها للطهارة ، أو الصبّ منها على أعضاء الطهارة (أو جعلها مصبّا لماء الطهارة ، صحّت طهارته) كما في المبسوط .. إلى آخره.
(٢) حكاه عنهم صاحب الجواهر فيها ٦ : ٣٣٤.