بالتراب» (١) : حمل الأمر بالسبع على الاستحباب ، فإنّه أهون من تقييد الغسل في الصحيحتين بسبع مرّات ، فإنّه تصرّف بعيد.
بل لا يبعد أن يدّعى القطع بعدم إرادة المعنى المقيّد من الروايتين خصوصا الصحيحة الأولى على ما رواها في المعتبر من زيادة لفظ «مرّتين» (٢) فإنّها على هذا التقدير في قوّة التصريح بعدم اعتبار ما زاد عن المرّتين ، فتكون المعارضة بينها وبين الموثّقة من باب معارضة النصّ والظاهر ، فيرفع اليد عن الظاهر بواسطة النصّ.
وممّا يؤيّد كون الأمر بالسبع ندبيّا ـ مضافا إلى ما عرفت ـ النبويّان المرويّان عن طرق العامة : «إن ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرّات» مع زيادة أحدهما : «أو خمسا أو سبعا» (٣) فإنّ مقتضى التحديد بالثلاث ـ كما في أحدهما ـ والتخيير بين الأقلّ والأكثر في الآخر : كون الزائد مستحبّا.
فما عن ابن الجنيد ـ من إيجاب سبع غسلات أولاهنّ بالتراب (٤) ـ ضعيف.
وأضعف منه ما عن المفيد من إيجاب ثلاث غسلات وسطاهنّ بالتراب (٥) ، إذ لم نعرف مستنده ، كما اعترف به غير واحد ، عدا ما حكي عن [الوسيلة] (٦) من
__________________
(١) سنن الدار قطني ١ : ٦٤ / ٥ ، سنن البيهقي ١ : ٢٤٠ ، و ٢٤٧ و ٢٤٨.
(٢) المعتبر ١ : ٤٥٨.
(٣) النبويّ الأوّل في سنن الدار قطني ١ : ٦٦ / ١٦ ، والنبويّ الثاني أيضا في سنن الدار قطني ١ : ٦٥ / ١٣ و ١٤ ، وكذا في سنن البيهقي ١ : ٢٤٠.
(٤) تقدّم تخريج قوله في ص ٤٠٠ ، الهامش (٢) وقد سبق هناك قوله : «إحداهنّ». وما هنا من قوله : «أولاهنّ» موافق لما حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٤٨٧.
(٥) تقدّم تخريج قوله في ص ٣٩٩ ، الهامش (٥).
(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «الخلاف». وما أثبتناه هو الصحيح وفاقا لكشف اللثام ورياض المسائل وجواهر الكلام ، مضافا إلى عدم العثور على الحاكي عن الخلاف ولا على المحكيّ عنه فيه.