ويتوجّه عليه ما حكي عنه في المنتهى أنّه قال : لا يغسل بالتراب إلّا من الولوغ خاصّة ، فلو أدخل الكلب يده أو رجله أو غيرهما ، كان كغيره من النجاسات. ثمّ نقل عن الصدوقين التسوية بين الوقوع والولوغ ، ونقل أقوال بعض العامّة ، ثمّ أجاب بأنّه تكليف غير معقول ، فيقف على النصّ ، وهو إنّما دلّ على الولوغ. ثمّ نقل حجّة المخالف بأنّ كلّ جزء من [الحيوان] (١) يساوي بقيّة الأجزاء في الحكم. ثمّ أجاب : بأنّ التساوي ممنوع ، والفرق واقع ، إذ في الولوغ تحصل ملاقاة الرطوبة اللزجة للإناء ، المفتقرة إلى زيادة في التطهير (٢). انتهى.
أقول : ما أشار إليه من أنّ الحكم توقيفيّ لم نتعقّل مناطه حقّ ، ومقتضاه :عدم التخطّي إلى اللعاب أيضا ، فإنّ كون مناط الحكم ملاقاة الرطوبة اللزجة للإناء غير معلوم ، كيف! وربما نقطع بعدم صيرورة الماء الذي شرب منه الكلب لزجا ، وعدم اكتساب الإناء منه لزوجة مفتقرة إلى التعفير ، فلا يجوز التعدّي إليه.
والحاصل : أنّ التخطّي عن مورد النصّ لا يجوز إلّا مع القطع بالمناط ، وعدم مدخليّة خصوصيّات المورد في الحكم.
وأنّى لنا القطع بذلك في مثل هذا الحكم التعبّديّ الذي لم نعرف وجهه بعد ذهاب المشهور إلى قصر الحكم على الولوغ أو اللطع الذي هو بمعناه ، كما صرّح به غير واحد ، حيث إنّه مشتمل على جميع الخصوصيّات التي يتضمّنها الولوغ بحيث لو كان الإناء مشتملا على الماء لتحقّق به اسم الولوغ.
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «الحيوانات». وما أثبتناه من المصدر.
(٢) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٤٧٥ ـ ٤٧٦ ، وانظر : منتهى المطلب ٣ : ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ، الفرع الثامن.