هذا كله ، مضافا إلى استقرار السيرة ـ خلفا عن سلف ـ على عدم امتناع أصحاب القروح والجروح ومن به الدم القليل من حضور الجمعة والجماعات والمرور في المساجد لأجل أغراض أخر ، كالمرافعة ومذاكرة العلم وغيرهما ، وعدم منع الصبيان من دخول المساجد مع العلم بنجاستهم غالبا حيث إنّهم لا يستنجون ولا يتطهّرون.
ولأجل ما ذكر التزم بعض القائلين بالمنع من متأخّري المتأخّرين باستثناء المستحاضة وأصحاب القروح والجروح ونحوها من ذلك.
والأوجه ما عرفت من الجواز مطلقا ، للأصل ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط فيه خصوصا بالنسبة إلى أعيان النجاسات التي لا يبعد بالنسبة إليها دعوى أنّ إدخالها في المسجد لا لضرورة عرفيّة أو إبقاءها فيه هتك لحرمته مع استقرار السيرة على إزالتها عن المسجد ، ودلالة الآية والنبويّ ـ المتقدّمتين (١) ـ عليه ، بناء على إرادة النجس الشرعي منهما.
نعم ، لا ينبغي الارتياب في جواز إدخال ما يستصحبه المصلّي ممّا عفي عنه في الصلاة من دم القروح والجروح ونحوه ، لانصراف إطلاق النبوي ، وقصور مفهوم الآية ـ بعد تسليم دلالتهما على المدّعى ـ عن مثل الفرض ، وعدم كونه هتكا في العرف ، وعدم استقرار السيرة على التجنّب عنه ، بل استقرارها على عدمه ، بل لم يعلم إرادته من إطلاق كلمات القائلين بالمنع ، ولعلّها منصرفة عنه.
وكيف كان ففي مثل الفرض ممّا لا ينبغي الاستشكال فيه.
__________________
(١) في ص ٤٦ و ٤٨.