هذا كلّه فيما إذا لم تكن النجاسة مسرية إلى المسجد ، وإلّا فلا يجوز بلا شبهة ، فإنّه هو القدر المتيقّن من معاقد إجماعاتهم المحكيّة وقد ادّعى غير واحد الإجماع عليه ، ولم ينقل الخلاف فيه من أحد ، عدا أنّه يستشعر من صاحب المدارك (١) الميل إليه ، ويظهر من صاحب الحدائق اختياره ، مستشهدا له ـ مضافا إلى أصالة الجواز ـ بإطلاق ما روى عمّار ـ في الموثّق ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال :سألته عن الدماميل تكون بالرجل فتنفتح وهو في الصلاة ، قال : «يمسحه ويمسح يده بالحائط والأرض ولا يقطع الصلاة» (٢) (٣).
وفيه : أنّ الأصل مقطوع بما عرفت وستعرف.
وأمّا الرواية فهي مسوقة لبيان حكم آخر ، فلا يجوز التمسّك بإطلاقها لجواز تنجيس المسجد ، كما أنّه لا يجوز الاستشهاد بها لجواز تنجيس حائط الغير ، كما هو واضح.
وربما أجيب عنه : بأنّ انفجار الدماميل لا يستلزم وجود الدم ، بل الغالب العدم.
وفيه ما لا يخفى ، فالوجه ما عرفت.
وممّا يؤيّد المنع بل يدلّ عليه : خبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر عليهماالسلام ، قال : سألته عن الدابّة تبول فيصيب بولها المسجد أو حائطه
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٣٠٦.
(٢) التهذيب ١ : ٣٤٩ / ١٠٢٨ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب النجاسات ، ح ٨ ، بتفاوت في بعض الألفاظ ، ويأتي نصّه ـ كما في المصدر ـ في ص ٦٤.
(٣) الحدائق الناضرة ٥ : ٢٩٤.