لبيان عدم الفرق بين الدم القليل والكثير من حيث النجاسة ، كما ربما يوهمه بعض الأخبار ، فقوله : «وقد روي» إلى آخره ـ على الظاهر ـ مسوق لإعطاء حكم من رأى دما في ثوبه قبل الصلاة من حيث الإعادة وعدمها ، فإنّ هذا النحو من التعبير إذا وقع في كلمات أرباب الحديث يظهر منه كون المرويّ مختارا له ، بخلاف ما لو وقع في عبارة مثل المصنّف وغيره من أرباب الفتاوى ممّن ليس من عادته إعطاء الحكم بنقل الرواية ، فإنّه يشعر بضعف الرواية لديه وتردّده في المسألة.
ثمّ على تقدير كونه مخالفا فلا يخفى ما فيه بعد مخالفته لإجماع الأصحاب وأخبارهم الآتية.
وكيف كان فلا ينبغي الإشكال في مشاركة الثوب والبدن في هذا الحكم وإن كانت الأخبار الدالّة عليه مختصّة بالثوب ، لورودها فيه ، عدا رواية مثنى بن عبد السلام عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت له : حككت جلدي فخرج منه دم ، فقال : «إذا اجتمع منه قدر حمّصة فاغسله ، وإلّا فلا» (١).
وهذه الرواية وإن كانت صريحة في العفو عن البدن في الجملة إلّا أنّ ما فيها من التحديد بالحمّصة مخالف للفتاوى والنصوص الآتية ، ولذا قد يناقش فيها بأنّها من الشواذّ التي لا يصحّ الاعتماد عليها.
ويمكن التفصّي عن ذلك : بأنّ مخالفة الرواية للفتاوى والنصوص من جهة لا توجب اطّراحها بالمرّة حتّى بالنسبة إلى الحكم الذي لا معارض له ، أعني أصل العفو ، فإنّ هذا النحو من المخالفة في الأخبار الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام فوق حدّ
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٥٥ / ٧٤١ ، الإستبصار ١ : ١٧٦ / ٦١٣ ، الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب النجاسات ، ح ٥.