بالاتّفاق والإجماع اللّذين أشرنا إليهما (١). انتهى.
ولا يخفى عليك أنّ مقتضى دليله الأوّل إنكار سراية النجاسة من المتنجّسات الخالية من أعيان النجاسات مطلقا ، إذ لا خصوصيّة لملاقي الميّت في ذلك.
اللهمّ إلّا أن يقول بكون نجاسة الميّت أيضا حكميّة ـ كما حكي (٢) القول بذلك عن المرتضى رحمهالله ـ فعلى هذا يكون مقصوده بقوله : «وهذه نجاسات حكميّات» نجاسة الميّت وما يلاقيه.
لكن يبعّد ذلك ـ مضافا إلى عدم معروفيّة الخلاف عنه في نجاسة الميّت ـ التتبّع في كلماته في باب البئر وغيره ممّا يظهر منه كون نجاسة الميّت من ذي النفس مطلقا إنسانا كان أو غيره لديه عينيّة.
وأبعد من ذلك احتمال أن يكون مقصوده بملاقاة الإناء للميّت ملاقاته له مع الجفاف لا مطلقا ، كما حكي القول بنجاسته الحكميّة في الفرض ـ بمعنى وجوب غسله وعدم تأثيره في تنجيس ملاقيه ـ عن بعض (٣) ، لأنّ كلامه كالصريح في عدم إرادته خصوص هذا الفرض ، لأنّه ذكر مسألة الإناء من باب الاستطراد ، وغرضه الأصلي إثبات عدم انفعال المائع الذي مسّه غاسل الميّت قبل التطهير الذي زعم عدم حصوله إلّا بالاغتسال ، فغرضه ليس إلّا إنكار سراية النجاسة من الجسم المتنجّس بملاقاة الميّت ، تشبّثا بعدم الدليل عليها ، وكون الحكم بثبوت هذا
__________________
(١) السرائر ١ : ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٢) الحاكي هو فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد ١ : ٦٦.
(٣) راجع ، ج ٧ ، ص ٥٦.