رئاب ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام. قال : سأله عطاء ونحن بمكة ، عن هاروت وماروت. فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام : إنّ الملائكة كانوا ينزلون من السّماء إلى الأرض ، في كلّ يوم وليلة ، يحفظون أعمال (١) أوساط أهل الأرض ، من ولد آدم والجن ، فيكتبون (٢) أعمالهم. [و] يعرجون بها إلى السّماء.
قال : فضجّ أهل السماء ، من معاصي أهل الأرض. (٣) فتؤامروا (٤) فيما بينهم ممّا يسمعون ويرون من افترائهم الكذب على الله ـ تبارك وتعالى ـ وجرأتهم عليه. ونزّهوا الله ممّا يقول فيه خلقه ويصفون. فقال طائفة من الملائكة : يا ربّنا! أمّا (٥) تغضب ممّا يعمل خلقك في أرضك وممّا يصفون فيك الكذب ويقولون الزّور ويرتكبون المعاصي؟ وقد نهيتهم عنها. ثمّ أنت تحلم عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخلال عافيتك.
قال أبو جعفر ـ عليه السّلام : فأحبّ الله أن يري الملائكة القدرة ، ونفاد أمره في جمع خلقه ، ويعرّف الملائكة ما منّ به عليهم ممّا (٦) عدله عنهم من صنع خلقه ، وما طبعهم عليه من الطّاعة ، وعصمهم من الذّنوب.
قال : فأوحى الله إلى الملائكة ، ان انتدبوا (٧) منكم ملكين ، حتّى أهبطهما إلى الأرض. ثمّ أجعل فيهما من طبائع المطعم والمشرب والشّهوة والحرص والأمل ، مثل ما جعلته في ولد آدم. ثمّ أختبرهما في الطّاعة لي.
قال (٨) : فندبوا لذلك هاروت وماروت. وكانا أشدّ (٩) الملائكة قولا في الغيب لولد آدم واستئثار غضب الله عليهم.
[قال :] (١٠) فأوحى الله إليهما ، أن «اهبطا إلى الأرض. فقد جعلت فيكما من طبائع
__________________
(١) ليس في المصدر.
(٢) المصدر : ويكتبون.
(٣) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : أهل أوساط الأرض. وكذا في تفسير العياشي ١ / ٥٢ وتفسير الصافي ١ / ١٢٧.
(٤) كذا والظاهر : فتآمروا.
(٥) المصدر وتفسير العياشي : ما.
(٦) المصدر : وممّا.
(٧) المصدر : انتحبوا. تفسير العياشي : اندبوا. وقيل في هامشه : ... وفي بعض النسخ «انتدابوا» وهو بمعناه. واستظهره المجلسي ـ ره ـ في البحار.
(٨) ليس في المصدر ويوجد في العياشي.
(٩) المصدر والعياشي : من أشدّ.
(١٠) يوجد في المصدر وفي العياشي ـ أيضا.