(إِنَّ اللهَ واسِعٌ) بإحاطته بالأشياء ، أو برحمته ، (عَلِيمٌ) (١١٥) بمصالحهم وأعمالهم في الأماكن ، كلّها.
قيل (١) : إنّ اليهود أنكروا تحويل القبلة عن بيت المقدس. فنزلت الآية ردّا عليهم.
وقيل (٢) : كان للمسلمين التّوجّه حيث شاءوا ، في صلاتهم. وفيه نزلت الآية. ثمّ نسخ بقوله (٣) (فَوَلِّ وَجْهَكَ) (إلى آخره).
وقيل (٤) : نزلت الآية في صلاة التّطوّع على الرّاحلة ، تصلّيها حيثما توجّهت ، إذا كنت في سفر. وأمّا الفرائض ، فقوله : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) ، يعني : أنّ الفرائض لا تصلّيها إلّا إلى القبلة. وهو المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام. قالوا : وصلّى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إيماء على راحلته أينما توجّهت به ، حيث خرج إلى خيبر ، وحين رجع من مكّة ، وجعل الكعبة خلف ظهره.
وروى عن جابر (٥) ، قال : بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سريّة كنت فيها. فأصبتنا ظلمة. فلم نعرف القبلة. فقال طائفة منّا : «قد عرفنا القبلة ، هي هاهنا ، قبل الشّمال.» فصلّوا. وخطّوا خطوطا. وقال بعضنا : «القبلة هاهنا. قبل الجنوب.» فخطّوا خطوطا. فلمّا أصبحوا وطلعت الشمس ، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة. فلمّا قفلنا (٦) من سفرنا ، سألنا النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن ذلك. فسكت. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
[في كتاب الخصال (٧) ، في سؤال بعض اليهود عليّا ـ عليه السّلام ـ عن الواحد إلى المائة : قال له اليهوديّ. فأين (٨) وجه ربّك؟
فقال عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام (٩) : يا بن عبّاس! ائتني بنار وحطب.
فأتيته بنار وحطب. فأضرمها. ثمّ قال : يا يهوديّ! أين يكون وجه هذه النّار؟
فقال : لا أقف لها على وجه.
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ١٩١.
(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٣) البقرة / ١٤٤ و/ ١٤٩ و/ ١٥٠.
(٤) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٥) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٦) النسخ : غفلنا.
(٧) الخصال / ٥٩٧.
(٨) المصدر : فأين يكون.
(٩) المصدر : فقال عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ لي.