وتقريره : أنّ الوالد ، عنصر الولد المنفعلة بانفصال مادّته عنه. والله سبحانه ، مبدع الأشياء كلّها. فاعله على الإطلاق. منزّه عن الانفعال. فلا يكون والدا. وهذا التّقرير يصحّ على التّقديرين. لأنّ كونه تعالى مبدعا ، يلزمه كون مخلوقه بديعا وبالعكس.
والإبداع اختراع الشيء ، لا عن شيء ، دفعة. وهو أليق بهذا الموضع من الصّنع الّذي هو تركيب الصّورة بالعنصر والتّكوين الّذي يكون بتغيّر وفي زمان غالبا.
وقرئ بديع ، مجرورا على البدل ، من الضّمير في «له» ، ومنصوبا ، على المدح.
[وفي أصول الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن سدير الصّيرفيّ. قال : سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)» فقال (٢) أبو جعفر ـ عليه السّلام : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه ، على غير مثال كان قبله. فابتدع السّماوات والأرض (٣) ، ولم يكن قبلهنّ سماوات ولا أرضون. أما تسمع لقوله تعالى (٤) (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ)؟
والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة] (٥) (وَإِذا قَضى أَمْراً) : إذا أراد إحداث أمر ، (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١١٧) :
من كان التّامّة ، أي ، أحدث ، فيحدث. وليس المراد به حقيقة أمر وامتثال. بل حصول ما تعلّقت به إرادته ، بلا مهلة بطاعة المأمور المطيع ، بلا توقّف.
وفيه تقرير لمعنى الإبداع. وإيماء إلى دليل آخر. وهو أنّ اتخاذ الولد ممّا يكون بأطوار. وفعله تعالى مستغن عن ذلك.
قيل (٦) : كان سبب ضلالتهم ، أنّ أرباب الشّرائع المتقدّمة ، كانوا يطلقون الأب على الله تعالى ، باعتبار أنّه السّبب الأوّل ، حين (٧) قالوا : «إنّ الأب ، هو الرّبّ الأصغر.
والله سبحانه وتعالى هو الأب الأكبر.» ظنّت الجهلة منهم ، أنّ المراد به معنى الولادة.
__________________
(١) الكافي ١ / ٢٥٦ ، صدر ح ٢.
(٢) المصدر : قال.
(٣) المصدر : الأرضين.
(٤) هود / ٧
(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٧٩.
(٧) المصدر : حتى.