لم يفرض الله صيامه على أحد من الأمم قبلنا.
فقلت له : فقول الله ـ عزّ وجلّ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
قال : فرض الله (١) شهر رمضان على الأنبياء ، دون الأمم. ففضّل (٢) الله به هذه الأمّة. وجعل صيامه فرضا على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعلى أمّته.
و «الصّوم» في اللّغة ، الإمساك عمّا تنازع النّفس إليه. وفي الشّرع ، الإمساك عن المفطرات. فإنّها معظم ما تشتهيه الأنفس. والخطاب في عليكم عامّ.
وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ).
قال : فقال : هذه كلّها تجمع (٤) أهل (٥) الضّلال والمنافقين وكلّ من أقرّ بالدّعوة الظّاهرة.
وأمّا ما رواه البرقيّ (٦) ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) ، قال : «هي للمؤمنين خاصّة» ، فمعناه أنّ المؤمنين هم المنتفعون بها.
وفي كتاب الخصال (٧) ، عن عليّ ـ عليه السّلام. قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فسأله أعلمهم عن مسائل. فكان فيما سأله أن قال : لأي شيء فرض الله الصّوم على أمّتك بالنّهار ، ثلاثين يوما وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟
فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : إنّ آدم ـ عليه السّلام ـ لمّا أكل من الشّجرة ، بقي في بطنه ثلاثين يوما. ففرض على ذرّيّته ثلاثين يوما الجوع والعطش. والّذين يأكلونه تفضّل من الله عليهم. وكذلك كان على آدم. ففرض الله تعالى ذلك على أمّتي.
ثمّ تلا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هذه الآية : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أيّاما معدودات.
__________________
(١) المصدر : إنّما فرض الله صيام :
(٢) النسخ : فضّل.
(٣) تفسير العياشي ١ / ٧٨.
(٤) المصدر : يجمع.
(٥) ليس في المصدر. وعند وجودها فتكون الكلمة بعدها «الضّلال». وعند عدمها تكون «الضّلال».
(٦) نفس المصدر ونفس الموضع ، ح ١٧٤.
(٧) الخصال ٢ / ٥٣٠ ، ح ٦.