فرفع سبحانه بهذا اللّفظ (١) الإثم عمّن يتّجر في الحجّ. ـ عن ابن عبّاس و [هو] (٢) المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام
ـ وقيل : [معناه] (٣)
لا جناح عليكم أن تطلبوا المغفرة من ربّكم ـ رواه جابر عن أبي جعفر ـ عليه السّلام.
(فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) : دفعتم منها بكثرة ـ من أفضت الماء إذا صببته بكثرة.
وأصله أفضتم أنفسكم. فحذف المفعول ، كما حذف في دفعت من البصرة.
وعرفات ، جمع سمّي به ، كأذرعات. وإنّما نوّن وكسر. وفيه العلميّة والتأنيث.
لأنّ تنوين الجمع تنوين المقابلة لا تنوين التّمكّن. ولذلك يجتمع مع اللام وذهاب الكسرة يتبع ذهاب التّنوين من غير عوض لعدم الصّرف وهاهنا ليس كذلك. أو لأنّ التأنيث إمّا أن يكون بالتّاء المذكورة وهي ليست تاء تأنيث وإنّما هي مع الألف الّتي قبلها علامة جمع المؤنّث ، أو بتاء مقدّرة كما في سعاد. ولا يصحّ تقديرها. لأنّ المذكورة تمنعه من حيث أنّها كالبدل لها ، لاختصاصها بالمؤنّث ، كتاء بنت.
وإنّما سمّي الموقف عرفة لأنّه نعت لإبراهيم ـ عليه السّلام ـ فلمّا أبصره عرفه ـ روى ذلك عن علىّ عليه السّلام
(٤) ـ أو لأنّ جبرئيل كان يدور به في المشاعر. فلمّا أراه قال : قد عرفت.
أو لأنّ آدم وحوّاء التقيا فيه ، فتعارفا ـ رواه أصحابنا أيضا (٥). أو لأنّ النّاس يتعارفون فيه (٦).
وفي كتاب علل الشّرائع (٧) ، بإسناده إلى معاوية بن عمّار وقال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن عرفات : لم سمّيت عرفات؟
فقال : إنّ جبرئيل ـ عليه السّلام ـ خرج بإبراهيم ـ صلوات الله عليه ـ يوم عرفة. فلمّا زالت الشّمس قال له جبرئيل ـ عليه السّلام : «يا إبراهيم! اعترف بذنبك. واعرف مناسكك.» فسمّيت عرفات لقول جبرئيل ـ عليه السّلام ـ له : «اعترف (٨).» فاعترف.
وفي الكافي (٩) ، بإسناده إلى أبي بصير ، أنّه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله ـ عليهما السّلام ـ يذكران أنّه قال جبرئيل ـ عليه السّلام ـ لإبراهيم ـ عليه السّلام : «هذه عرفات.
__________________
(١) المصدر : فرفع الله بهذه اللفظة.
(٢ و ٣) يوجد في المصدر. (٤) مجمع البيان ١ / ٢٩٥. (٥) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٦) الكشاف ١ / ٢٤٦+ أنوار التنزيل ١ / ١٠٩. (٧) علل الشرائع ٢ / ٤٣٦ ، ح ١.
(٨) المصدر : اعترف. اعترف. (٩) الكافي ٤ / ٢٠٧ ، ح ٩.