منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ سبحانه وتعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) قال : هي أيّام التّشريق. كانوا إذا أقاموا بمنى بعد النّحر تفاخروا.
فقال الرّجل منهم : كان أبي يفعل كذا وكذا. فقال الله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) (... فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً).
قال : والتّكبير ، الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلّا الله. والله أكبر.
الله أكبر. ولله الحمد. الله أكبر على ما هدانا. الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.»
وفي مجمع البيان (١) : (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) معناه ما روى عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّهم كانوا إذا فرغوا من الحجّ يجتمعون (٢) هناك. ويعدّون مفاخر آبائهم ومآثرهم. ويذكرون أيّامهم القديمة وأياديهم الجسيمة. فأمرهم الله سبحانه أن يذكروه مكان ذكر آبائهم في هذا الموضع أو أشدّ ذكرا ويزيدوا على ذلك بأن يذكروا نعم الله سبحانه ويعدّوا آلاءه ويشكروا نعمائه. لأنّ آباءهم وإن كانت لهم عليهم أياد ونعم.
فنعم الله سبحانه عليهم أعظم وأياديه عندهم أفخم. ولأنّه سبحانه المنعم. لتلك المآثر والمفاخر على آبائهم وعليهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) قال :
كانت العرب إذا وقفوا بالمشعر يتفاخرون بآبائهم فيقول : «لا وأبيك. لا وأبي.» فأمرهم (٤) الله لأن يقولوا : «لا والله. وبلى والله.»
وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله ، بدون لفظ «يتفاخرون بآبائهم.»
(فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ) : تفصيل للذّاكرين إلى مقلّ لا يطلب بذكر الله إلّا الدّنيا ومكثر يطلب به خير الدّارين. أريد به الحثّ على الإكثار والإرشاد إليه.
(رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا) : اجعل ايتاءنا في الدّنيا.
(وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) (٢٠٠) ، أي : نصيب وحظّ. لأنّ همّه مقصور
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٢٩٧.
(٢) ر : اجتمعوا.
(٣) تفسير القمي ١ / ٧٠.
(٤) المصدر : وأمرهم الله.
(٥) تفسير العياشي ١ / ٩٨ ، ح ٩٧٢.