والمقالات في التّوحيد ، في كلام للرّضا ـ عليه السّلام ـ مع النّصارى. قال ـ عليه السّلام : فمتى اتّخذتم عيسى ربّا ، لجاز لكم أن تتّخذوا اليسع وحزقيل. لأنّهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى بن مريم ـ عليهما السّلام ـ من إحياء الموتى وغيره. إنّ قوما من بني إسرائيل أخرجوا (١) من بلادهم من الطّاعون وهم ألوف حذر الموت. فأماتهم الله في ساعة واحدة. فعمد أهل تلك القرية. فحظروا عليهم حظيرة. ولم يزالوا فيها حتّى نخرت عظامهم. وصاروا رميما.
فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل. فتعجّب منهم ومن كثرة العظام البالية.
فأوحى الله إليه : أتحبّ أن أحييهم لك فتنذرهم؟
قال : نعم. يا ربّ! فأوحى الله إليه أن نادهم.
فقال : أيّتها العظام البالية! قومي بإذن الله تعالى.
فقاموا أحياء أجمعون. ينفضون (٢) التّراب عن رؤوسهم.
وفي هذا المجلس ، يقول الرّضا ـ عليه السّلام : ولقد صنع حزقيل النّبي ـ عليه السّلام ـ مثل ما صنع عيسى بن مريم : فأحيى خمسة وثلاثين ألف رجل بعد موتهم ، بستّين سنة. ثمّ التفت إلى رأس الجالوت. فقال له : يا رأس الجالوت! أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة اختارهم بخت نصر من بني إسرائيل (٣) حين غزا بيت المقدس؟
ثمّ انصرف بهم إلى بابل. فأرسله الله ـ عزّ وجلّ ـ إليهم. فأحياهم. هذا في التوراة.
لا يدفعه إلّا كافر منكم.
وفي روضة الكافي (٤) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد وغيره ، عن بعضهم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وبعضهم عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) فقال : إنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشّام.
وكانوا سبعين ألف بيت. وكان الطّاعون يقع فيهم في كلّ أوان. فكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوّتهم وبقي فيها الفقراء لضعفهم. فكان الموت يكثر في الّذين أقاموا ويقلّ في الّذين خرجوا.
__________________
(١) ر : خرجوا. (ظ)
(٢) أ : ينقضون.
(٣) المصدر : صبي بني إسرائيل.
(٤) الكافي ٨ / ١٩٨ ، ح ٢٣٧.