(إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) :
استثناء من قوله «فشرب.» وقدّم عليه الجملة الثّانية ، للعناية بها.
والمعنى : الرّخصة في القليل ، دون الكثير.
وقرئ بفتح الغين.
(فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) ، أي : فكرعوا فيه إذا الأصل في الشّرب منه أن لا يكون بوسط ، أو أفرطوا في الشّرب إلّا قليلا منهم.
وقرئ بالرّفع ، حملا على المعنى ، أي : لم يطيعوه.
وروى أنّ الّذين شربوا منه كانوا ستّين ألفا (١).
وروى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام (٢) ـ أنّه قال : القليل الّذي لم يشربوا ولم يغترفوا ، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا.
(فَلَمَّا جاوَزَهُ) ، أي : طالوت النّهر إلى جنود جالوت ، (هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) ، أي : القليل الّذين لم يخالفوه ، (قالُوا) ، أي : الّذين شربوا منه ، (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) لكثرتهم وقوّتهم. هذا اعتذار منهم في التّخلّف وتحذير للقليل.
(قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) ، أي : الخلّص منهم الّذين تيقّنوا لقاء الله وثوابه بالموت. وسمّاه ظنّا لشبه اليقين بالموت بالظّنّ والشّكّ ، كما ورد في الخبر : أنّه ما من يقين لا شكّ فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت.
وهم القليل الّذين لم يشربوا.
(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) : بتيسيره وتوفيقه.
و «كم» ، يحتمل الخبر والاستفهام.
و «من» ، مبنيّة ، أو مزيدة.
و «الفئة» : الفرقة من النّاس ، من فأوت رأسه ، أي : شققته ، أو من فاء إذا رجع فوزنها فعة ، أو فلة. ولا ينافي إطلاق الفئة هنا على أقلّ من عشرة آلاف ، ما رواه العيّاشيّ (٣)
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ٨٣.
(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٣) تفسير العياشي ١ / ١٣٤ ، ح ٤٤٤.