فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام : هذا في كتاب الله بيّن. إنّ الله يقول ممّا قال ابراهيم : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) (إلى قوله) (عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً). وكانت الطيّر أربعة والجبال عشرة. يخرج الرّجل من كلّ عشرة أجزاء جزءا واحدا. وإنّ إبراهيم دعي بمهراس. فدقّ فيه الطّير جميعا. وحبس الرّؤوس عنده. ثمّ أنّه دعا بالّذي أمر به. فجعل ينظر إلى الرّيش كيف يخرج وإلى العروق عرقا عرقا حتّى ثمّ جناحه مستويا فأهوى نحو إبراهيم. فقال (١) ابراهيم ببعض الرؤوس. فاستقبله به. فلم يكن الرّأس الّذي استقبله لذلك البدن حتّى انتقل إليه غيره ، فكان موافقا للرّأس. فتمّت العدّة. وتمّت الأبدان.
وفي الخرايج والجرائح (٢) : وروى عن يونس بن ظبيان قال : كنت عند الصّادق ـ عليه السّلام ـ مع جماعة. فقلت : قول الله لإبراهيم : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ. فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) ، أكانت (٣) أربعة من أجناس مختلفة؟ أو من جنس واحد؟
قال : أتحبّون أن أريكم مثله؟
قلنا : بلى.
قال : يا طاوس! فإذا طاوس طار إلى حضرته.
ثمّ قال : يا غراب! فإذا غراب بين يديه.
ثمّ قال : يا بازي! فإذا بازي بين يديه (٤).
ثمّ قال : يا حمامة! فإذا حمامة بين يديه. ثمّ أمر بذبحها ، كلّها ، وتقطيعها ، ونتف ريشها ، وأن يخلط ذلك كلّه بعضه ببعض.
ثم أخذ رأس الطاووس. فقال : يا طاوس! فرأيت لحمه وعظامه وريشه تتميّز عن غيرها ، حتّى التصق ذلك كلّه برأسه ، وقام
__________________
(١) لعله : فمال.
(٢) الخرائج والجرائح ٢٦٤+ تفسير نور الثقلين ١ / ٢٨١ ، نقلا عن الخرايج والجرائح.
(٣) المصدر : وكانت.
(٤) المصدر : يديها.