أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ، ليتصدّقوا بها. فأبى الله ـ تبارك وتعالى ـ إلّا أن يخرجوا من أطيب ما كسبوا.
وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن إسحاق بن عمّار ، عن جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ قال : كان أهل المدينة يأتون بصدقة الفطر إلى مسجد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وفيه عرق (٢) يسمّى الجعرور (٣) وعرق يسمّى معافارة. كانا عظيم نواهما ، رقيق لحاهما في طعمهما مرارة.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ للخارص : لا تخارص عليهم هاتين (٤) اللّونين. لعلّهم يستحيون لا يأتون بهما.
فأنزل الله ـ تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) (إلى قوله) (تُنْفِقُونَ).
وفي مجمع البيان (٥) : وقيل : إنّها نزلت في قوم كانوا يأتون بالحشف. فيدخلونه في تمر الصدقة ـ عن عليّ ـ عليه السّلام.
وقد روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله (٦) ـ أنّه قال : إنّ الله يقبل الصّدقات.
ولا يقبل منها إلّا الطّيّب.
(وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) ، أي : من طيّباته. فحذف المضاف ، لدلالة ما تقدّم.
(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) : ولا تقصدوا الرّديء ، (مِنْهُ) ، أي : من المال.
وقرئ بضمّ التّاء وبكسر الميم.
(تُنْفِقُونَ) : حال مقدّرة من فاعل «تيمّموا». ويجوز أن يتعلّق به منه. ويكون الضمير للخبيث. والجملة حالا منه.
وقيل : يجوز أن يكون الضّمير لمّا أخرجنا وتخصيصه بذلك. لأنّ التّفاوت فيه أكثر.
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ١٥٠ ، ح ٤٩٣.
(٢) المصدر : غدق.
(٣) المصدر : الجعرود.
(٤) المصدر : هذين. (ظ)
(٥ و ٦) مجمع البيان ١ / ٣٨٠.