قال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ).
(ذلِكَ) العقاب ، (بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) : بسبب أنّهم نظّموا البيع والربا في سلك واحد ، لافضائهما إلى الرّبح. فاستحلّوه استحلاله. وهو من باب القلب. والأصل إنّما الربا مثل البيع. عكس للمبالغة. كأنّهم جعلوا الربا أصلا ، وقاسوا البيع به.
(وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) : في موضع الحال.
في عيون الأخبار (١) ، في باب ما كتب الرّضا ـ عليه السّلام ـ إلى محمّد بن سنان ، في جواب مسائله في العلل وعلّة تحريم الربا : انّما نهى الله لما فيه من فساد الأموال. لأنّ الإنسان إذا اشترى الدّرهم بالدّرهمين ، كان ثمن الدّرهم درهما ، وثمن الآخر باطلا ، فيقع (٢) الربا ، واشتراءه (٣) وكسا (٤) على كلّ حال على المشتري وعلى البائع. فحظر (٥) الله تعالى الربا لعلّة فساد الأموال ، كما حظر على السّفيه أن يدفع إليه ماله ، لمّا يتخوّف عليه من إفساده ، حتّى يؤنس منه رشد (٦). فلهذه العلّة حرّم الله تعالى الرّبا ، وبيع الدّرهم بالدّرهمين ، يدا بيد. وعلّة تحريم الربا بعد البيّنة ، لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرّم. وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله لها. ولم يكن ذلك منه إلّا استخفافا بالمحرّم الحرم (٧). والاستخفاف بذلك دخول في الكفر.
وعلّة تحريم الربا بالنسيئة ، لعلّة ذهاب المعروف ، وتلف الأموال ، ورغبة النّاس في الرّبح ، وتركهم الفرض ، وصنائع المعروف ، وما في (٨) ذلك من الفساد والظّلم وفناء الأموال.
وفي الكافي (٩) عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ،
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ٩٣ ـ ٩٤.
(٢) المصدر : فبيع.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) المصدر : «وكس» والفقرة الأخيرة في المصدر هكذا : فبيع الربا وكس.
(٥) المصدر : فحرّم.
(٦) المصدر : رشده.
(٧) المصدر : إلّا استخفاف بالتحريم للحرام.
(٨) المصدر : لما.
(٩) الكافي ٥ / ١٤٦ ، ح ٧.