بالتّداين. وما بينهما اعتراض ، أي : اكتبوا الدّين المتداين به ، إلّا أن يكون تجارة.
ونصب عاصم «تجارة» ، على أنّه الخبر ، والاسم مضمر تقديره : «إلّا أن يكون الدّين المتداين به تجارة.» وقرأ الباقون بالرّفع ، على أنّ الخبر (تُدِيرُونَها) ، أو على كان التّامّة.
(حاضِرَةً) : والتّجارة الحاضرة تكون بدين وعين.
(تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) : وإدارة التّجارة تعاطيهم إيّاها يدا بيد. فهو على تقدير كونه صفة مخصّصة ، أي : فلا بأس بعدم الكتابة حينئذ.
(وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) مطلقا. لأنّه أحوط.
وقيل (١) : المراد هذا التّبايع.
والأوامر الّتي في هذه الآية ، للاستحباب. وقيل (٢) : للوجوب. فمن قائل بالإحكام وقائل بالنّسخ.
(وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) : يحتمل البنائين. ويدلّ عليه قراءة : ولا يضارّ (بالكسر والفتح.) فعلى البناء للفاعل ، نهي لهما عن ترك الإجابة والتّحريف والتّغيير في الكتبة والشّهادة. وعلى البناء للمفعول ، نهى للمستكتب والمستشهد ، من أن يضارّهما بالتّكليف لهما ، ما لا يسوغ لهما ، من حبس جعل الكاتب وحبس الشّهيد وغير ذلك.
(وَإِنْ تَفْعَلُوا) ما نهيتم عنه ، (فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) : خروج عن الطّاعة.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في مخالفة نهيه.
(وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) أحكامه المتضمّنة لمصالحكم.
(وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). (٢٨٢) كرّر لفظ «الله» في الجمل الثّلاث ، للمبالغة.
فإنّه لمّا كان موضوعا للذّات الكاملة مع جميع صفات الكمال على الكمال ، فيكون عقابه في النّهاية والكمال. فيقتضي الاتّقاء منه ، أشدّ اقتضاء. ويكون تعليمه للأحكام في نهاية الإفضال. فلا يجوز مخالفة حكمه بحال. ويكون علمه بقدر الجزاء ، شاملا أتمّ شمول. فلا يسوغ إغفال العمل بالذّهول.
وقيل (٣) : كرّر لاستقلالها. فإنّ الأولى ، حثّ على التّقوى. والثّانية ، وعد بإنعامه.
والثّالثة ، تعظيم لشأنه. ولأنّه أدخل في التّعظيم من الكناية.
__________________
(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ١٤٥.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٤٥.