شهادة. إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول (١) : (لا يُكَلِّفُ اللهُ) (٢) (نَفْساً إِلَّا وُسْعَها). ولا يحمل (٣) فوق طاقتها. (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها. وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى). (٤)
وبإسناده (٥) إلى حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن الاستطاعة ـ إلى قوله ـ قلت : أصلحك الله! فإنّي أقول : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يكلّف العباد إلّا ما يستطيعون وإلّا ما يطيقون. فإنّهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلّا بإرادة الله ومشيئته وقضائه وقدره.
قال : وهذا دين الله الّذي أنا عليه وآبائي.
(لَها ما كَسَبَتْ) من خير.
(وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من شرّ. لا ينتفع بطاعتها. ولا يتضرّر بمعصيتها غيرها.
وتخصيص الكسب بالخير ، والاكتساب بالشّرّ. لأنّ الاكتساب فيه اعتمال.
والشّرّ تشتهيه الأنفس وتنجذب إليه. فكانت أجدّ في تحصيله وأعمل ، بخلاف الخير.
(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ، أي : لا تؤاخذنا بما أدّى بنا إلى نسيان ، أو خطأ ، أو بما يؤدّي الخطأ والنّسيان إليه بالآخرة من عمل آخر. فإنّهما يمكن أن يؤدّي كثرتهما واعتيادهما إلى عمل قبيح.
وقيل : أو بأنفسهما إذ لا يمتنع المؤاخذة بهما عقلا. فإنّ الذّنوب كالسّموم. فكما أنّ تناولها يؤدّي إلى الهلاك ، وإن كان خطأ. فتعاطي الذّنوب لا يبعد أن يفضى إلى العقاب ، وإن لم يكن عزيمة. لكنّه تعالى وعد التّجاوز عنه ، رحمة وفضلا. فيجوز أن يدعو الإنسان به ، استدامة واعتدادا بالنّعمة فيه.
وفي أصول الكافي (٦) : الحسين بن محمّد ، عن معلّي بن محمّد ، عن أبي داود المسترق قال : حدّثني عمرو بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : رفع عن أمّتي أربع خصال : خطأها ، ونسيانها ، وما أكرهوا عليه ، وما لم يطيقوا. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا. رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا. رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ).
__________________
(١ ، ٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : يحملّها.
(٤) نفس المصدر / ٣٤٦ ، ذيل ح ٣.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ١٤٧.
(٦) الكافي ٢ / ٤٦٢ ، ح ١.