فلمّا اجتمعوا إلى موسى وبكوا وضجّوا قال لهم موسى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً).» فتعجّبوا. و (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً)؟» إنا نأتيك بقتيل. فتقول اذبحوا بقرة! فقال لهم موسى : (أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ).
فعلموا أنّهم قد أخطأوا. فقالوا : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ، ما هِيَ)؟» (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ : إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) (الفارض الّتي قد ضربها الفحل. ولم تحمل. والبكر الّتي لم يضربها.) (قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها)؟
(قالَ إِنَّهُ يَقُولُ : إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) ، أي : لونها شديد الصّفرة (١) ، (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) إليها.
(قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ؟ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا. وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ. قالَ : إِنَّهُ يَقُولُ : إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ) ، أي ، لم تذلّل (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) ، أي : لا تسقي الزّرع. (مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها) ، أي ، لا نقط فيها إلّا الصّفرة.
(قالُوا : الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) (٢) هي بقرة فلان. فذهبوا يشتروها.
فقال : لا أبيعها إلّا بملء جلدها ذهبا.
فرجعوا إلى موسى. فأخبروه.
فقال لهم موسى : لا بدّ لكم من ذبحها بعينها. فاشتروها (٣) بملء جلدها ذهبا ، فذبحوها.
ثمّ قالوا : ما تأمرنا؟ يا نبيّ الله! فأوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إليه : قل لهم : اضربوه ببعضها. وقولوا من قتلك.
فأخذوا الذّنب ، فضربوه به. وقالوا : من قتلك؟ يا فلان! فقال : فلان بن فلان. (ابن عمّه (٤) الّذي جاء به.) وهو قوله : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها. كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى. وَيُرِيكُمْ آياتِهِ
__________________
(١) المصدر : شديدة الصفرة.
(٢) يوجد في المصدر بعدها : فذبحوها. وما كادوا يفعلون.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) المصدر : ابن عمى.