وآله ـ وإظهار الغنى له والتّمالك والشّرف ، فليس بخير. بل هو الشّرّ الخاصّ. (١) ووبال على صاحبه. يعذّبه الله به أشدّ العذاب.
فقالوا له : يا محمّد! أنت تقول هذا ونحن نقول : بل ما ننفقه إلّا لإبطال أمرك ودفع رئاستك ولتفريق أصحابك عنك. وهو الجهاد الأعظم. نؤمل به من الله الثّواب الأجلّ الأجسم. (٢)
والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة. وفيه إلزامهم على الوجه الأعظم.
وفي الخرائج والجرائح ، (٣) روي عن الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ في قوله تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ. فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) : قال إنّه يقول : يبست قلوبكم ، معاشر اليهود! كالحجارة اليابسة. لا ترشح برطوبة ، أي : أنّكم لا حقّ الله تؤدّون ، ولا بأموالكم تتصدّقون ، ولا بالمعروف تتكرّمون ، ولا للضّيف تقرون ، ولا مكروبا تغيثون ، ولا بشيء من الإنسانية تعاشرون ، وتواصلون. أو (أَشَدُّ قَسْوَةً) : أبهم على السّامعين. ولم يبيّن لهم كما يقول القائل : أكلت خبزا أو لحما ، وهو لا يريد به أنّه لا أدري ما أكلت ، بل يريد أن يبهم على السّامع حتّى لا يعلم ما ذا أكل. وإن يعلم أن قد أكل أيّهما.
(وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) ، أي : قلوبكم في القساوة بحيث لا يجيء منها خير ، يا يهود! في الحجارة ما يتفجّر الأنهار ، فيجيء بالخير والنّبات لبني آدم. و (إِنَّ مِنْها) ، أي : من الحجارة (لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) دون الأنهار. وقلوبكم لا يجيء منها الكثير من الخير ولا القليل. (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ) ، أي : من الحجارة ، إن أقسم عليها باسم الله تهبط. وليس في قلوبكم شيء منه.
فقالوا : يا محمّد! زعمت أنّ الحجارة ألين من قلوبنا؟ وهذه الجبال بحضرتنا.
فاستشهدها على تصديقك. فإن نطقت بتصديقك ، فأنت المحقّ.
فخرجوا إلى أوعر جبل. فقالوا : استشهده.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أسألك يا جبل! بجاه محمّد وآله الطّيّبين الّذين بذكر أسمائهم خفّف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه.
__________________
(١) كذا في المصدر وفي الأصل ور. ولعله : الخالص.
(٢) المصدر : العظيم.
(٣) تفسير نور الثقلين ١ / ٩٠ ، ح ٢٤٥ ، نقلا الخرائج والجرائح.