فتحرّك الجبل. وفاض الماء. ونادى : أشهد أنّك رسول الله. وأنّ قلوب هؤلاء اليهود ، كما وصفت ، أقسى من الحجارة.
فقال اليهود : علينا تلبس. أجلست أصحابك خلف هذا الجبل ، ينطقون بمثل هذا؟ فإن كنت صادقا ، فتنحّ من موضعك إلى ذي القرار. ومر هذا الجبل ، يسير إليك.
ومره أن ينقطع بنصفين ، ترتفع السّفلى وتنخفض العليا.
فأشار إلى حجر مد حرج. فتدحرج. ثمّ قال لمخاطبه : خذه. فقرّبه. فسيعيد عليك ما سمعت. فإنّ هذا جزء من ذلك الجبل.
فأخذه الرّجل. فأدناه من أذنه. فنطق الحجر بمثل ما نطق به الجبل.
قال : فإنّني بما اقترحت.
قال : فتباعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى فضاء واسع ، ثمّ نادى : أيّها الجبل! بحقّ محمّد وآله الطّيّبين ، لمّا اقتلعت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرتي.
فتزلزل الجبل. وصار (١) مثل الفرس الهملاج. فنادى : أنا سامع لك ، ومطيع أمرك.
فقال : هؤلاء اقترحوا على أن أمرك إن تنقطع من أصلك ، فتصير نصفين ، فينحطّ أعلاك ويرتفع أسفلك.
فانقطع نصفين. وارتفع أسفله. وانخفض أعلاه. فصار فرعه أصله.
ثمّ نادى الجبل : أهذا الّذي ترون دون معجزات موسى الّذي تزعمون أنّكم به تؤمنون؟
فقال رجل منهم : هذا رجل تتأتّى له العجائب. فنادى الجبل : يا عدوّ الله! أبطلتم بما تقولون نبوّة موسى حيث كان وقوف الجبل فوقهم كالظّلل فيقال هو رجل تتأتّى له العجائب. فلزمتهم الحجّة ولم يسلموا؟
وفي مجمع البيان (٢) : وروى عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : إنّ حجرا كان يسلّم عليّ في الجاهليّة ، وإنّي لأعرفه الآن.
وفي كتاب الخصال (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : كان فيما أوصى
__________________
(١) المصدر : سار. وهو الظاهر.
(٢) مجمع البيان : ١ / ١٤٠ ـ ١٤١.
(٣) الخصال ١٢٥ ـ ١٢٦ ، مقطع من ح ١٢٢.