أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال : نزلت هذه الآية في اليهود والنّصارى. يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ ، يَعْرِفُونَهُ) ، يعني : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ). لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قد أنزل عليهم في التّوراة والإنجيل والزّبور ، صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجرته. وهو قوله تعالى (١) : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ، أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ، رُحَماءُ بَيْنَهُمْ. تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً. يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً. سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ. ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ). فهذه صفة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه.
فلمّا بعثه الله ـ عزّ وجلّ ـ عرفه أهل الكتاب ، كما قال ـ جلّ جلاله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ، ما عَرَفُوا. كَفَرُوا بِهِ).
فكانت اليهود ، يقولون للعرب ، قبل مجيء النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : أيّها العرب! هذا أوان نبيّ يخرج بمكّة. ويكون مهاجرته بالمدينة. وهو آخر الأنبياء.
وأفضلهم. في عينيه حمرة. وبين كتفيه خاتم النّبوّة الشّملة. ويجتزئ بالكسرة والتّمرات.
ويركب الحمار العريّ. وهو الضّحوك القتّال. يضع سيفه على عاتقه ولا يبالي من لاقى.
يبلغ سلطانه منقطع الخفّ والحافر. لنقتلنّكم به ، يا معشر العرب! قتل عاد.
فلمّا بعث الله نبيّه بهذه الصّفة ، حسدوه وكفروا به ، كما قال الله : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا. فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا. كَفَرُوا بِهِ).
وفي روضة الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار. قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ ، يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا. فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا. كَفَرُوا بِهِ).
قال : كان قوم فيما بين محمّد وعيسى ـ صلّى الله عليهما. وكانوا يتوعّدون أهل الأصنام ، بالنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله. ويقولون : ليخرجنّ نبيّ. فليكسرنّ أصنامكم.
وليفعلنّ بكم وليفعلن. فلمّا خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كفروا به.
وفي أصول الكافي (٣) ، بإسناده إلى أبي عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله
__________________
(١) الفتح / ٢٩.
(٢) الكافي ٨ / ٣١٠ ، ح ٤٨٢.
(٣) الكافي ٢ / ٣٨٩ ـ ٣٦٠.