فإن كان مضافا إلى العدد الذي أخذ منه ، لم يجز فيه إلّا الإضافة ، نحو : «هذا ثاني اثنين وثالث ثلاثة» ، وكذلك إلى عشرة ، فلا يجوز فيه العمل فتقول : «ثالث ثلاثة ورابع أربعة وخامس خمسة».
وزعم أبو العباس ثعلب أنّه يعمل إذا كان بمعنى الحال والاستقبال وأجازه ، وهو خطأ ، ووجه فساده أنّه ليس له فعل يحمل عليه في العمل ، ألا ترى أنّه لا يجوز لك أن تقول : «ثلّثت الثلاثة» ، فأما قوله : «يجوز ذلك على تقدير متمّم ثلاثة ومكمّل أربعة» ، فخطأ ، لأنّه إذا كان التقدير : متمّم ثلاثة ، فكأنّه قال : متمّم نفسه ، لأنّه من الثلاثة ، فيلزمه في هذا تعدّي فعل المضمر إلى الظاهر نحو : «زيدا ضرب» ، إذا أردت أنّه ضرب نفسه ، وذلك لا يجوز أصلا.
فإن أضفته إلى العدد الذي ليس هو مشتّقا منه ، نحو : «ثالث اثنين» ، فهذا مسموع ، و «رابع ثلاثة» ، و «خامس أربعة» ، إلى «عاشر تسعة» ، فلا يخلو أن يكون بمعنى المضيّ ، أو بمعنى الحال والاستقبال.
فإن كان بمعنى المضيّ ، فلا يجوز فيه إلّا الإضافة ، وإن كان بمعنى الحال والاستقبال فيجوز فيه الوجهان : الإضافة والعمل. فمثال الإضافة : «ثالث اثنين ورابع ثلاثة». ومثال الإعمال : «ثالث اثنين ورابع ثلاثة» ، بالتنوين والنصب. وهذا يعمل عمل فعله لأنّه قد سمع استعمال الفعل من «ثلاثة» ، حكي من كلامهم : «ثلّثت الرجلين» ، و «ربّعت الثلاثة» ، وكذلك تفعل إلى قولك : «عشّرت التسعة».
وأما من «أحد عشر» إلى «تسعة عشر» ، فلا يخلو اسم الفاعل من أن يكون مفردا أو مضافا. فإن كان مفردا قلت : حادي عشر ، ثاني عشر ، ثالث عشر ، رابع عشر ، إلى تاسع عشر ، فتشتق اسم الفاعل من النيّف إلى العشرة ، وتبنيه مع العشرة ويكون بغير تاء إذا أردت المذكّر ، وبالتاء إذا أردت المؤنّث.
فإن استعملته مضافا ، فلا يخلو أن تضيفه لعدده الذي اشتقّ منه أو لغيره ، فإن كان مضافا لعدده الذي اشتقّ منه جاز فيه ثلاثة أوجه : أحدها أن تقول : «حادي عشر أحد عشر» ، ويجوز أن تحذف «عشر» من الأول لدلالة الثاني عليه ، فتقول : «حادي أحد عشر» ، فـ «حادي» معرب لأنّ الذي كان أوجب بناءه قد زال ، و «أحد عشر» باق على بنائه لما قدمناه.