تخلصت للحرفية ، كما أنّهم يخلّصون الكاف التي في نحو «ضربك» ، للخطاب مع أسماء الإشارة في نحو ذلك ، فتصير حرفا.
وزعم الخليل ، رحمهالله ، أنّها أسماء لا تنتقل عن الاسمية ولا موضع لها من الإعراب. والصحيح أنها حروف لأنّ أسماء لا موضع لها من الإعراب لم توجد في كلامهم.
ومن النحويين من زعم أنّها أسماء ولها موضع من الإعراب. وذلك فاسد لما يبيّن بعد إن شاء الله تعالى.
واعلم أنّ الضمائر المنفصلة لا يخلو أن تقع بعدها الأسماء في هذا الباب أو في غيره. فإن وقعت في غير هذا الباب ، فلا يخلو أن يكون الأول ظاهرا أو مضمرا. فإن كان مضمرا ، لم يجز في الضمير عندنا إلّا أن يكون بدلا إن كان على حسب إعراب الأول. فإن كان تأكيدا كان الضمير على صيغة المرفوع أبدا ، ولم يتغيّر بحسب ما يكون تأكيدا له. وإنّما كان البدل على حسب إعراب الأول ، لأنّه في تقدير أن يلي العامل ، لأنّ الضمير إذا ولي العامل ، اختلفت صيغته بالنظر إلى الرفع والنصب والخفض. وأما التأكيد فاختاروا فيه تغيير صيغة المؤكّد عن تغيير صيغته في نفسه ، لأنّ التأكيد من كمال الكلام الذي يكون فيه ، ولم يفعلوا ذلك في البدل لأنه على تقدير استئناف عامل آخر ، فليس هو إذن من كمال الكلام الذي يكون فيه ، فتغيّرت صيغته إذا لم يكن له ما يقوم مقام ذلك.
فإن كان مظهرا ، لم يجز إلّا البدل ويكون على حسب إعراب الأول ، ولا يجوز التأكيد لأنّه أعرف من الأول فلا يتبعه على طريقة التأكيد ، لأنّ التأكيد يشبه النعت وقد تقدم فيما يشبهه.
وأيضا فإنّه لا يتصور فيه أن يكون تأكيدا لفظيّا ولا معنويّا ، لأنّ لفظ المضمر مخالف للفظ المظهر ، ولأنّ التأكيد المعنويّ بألفاظ محصورة.
فإن وقع المضمر بعد الاسم في هذا الباب ، فلا يخلو من أن يكون الاسم ظاهرا أو مضمرا. فإن كان مضمرا ، فإن حكمه حكم المضمر في غير هذا الباب ، ويجوز أن يكون فصلا.
والضمير لا يخلو من أن يكون بين المبتدأ والخبر ، أو بين ما أصله المبتدأ والخبر.