كأنّه قال : ألقيت الذي يكسب لهم لا الذي يكسبهم.
والصفة المشبهة باسم الفاعل ، وغيرك ، وشبهك ، ومثلك ، وخدنك ، وتربك ، وهدّك ، وكفؤك ، وفيه لغات يقال : كفؤ ، وكفو ، وكفاء ، وحسبك ، وشرعك ، وقدك ، وناهيك من رجل ، وقيد الأوابد ، وعبر الهواجر ، وواحد أمّه ، وعبد بطنه.
وهذا كله لا خلاف أنّ إضافته غير محضة. والذي فيه خلاف إضافة الموصوف إلى صفته ، مثل «مسجد الجامع» ، و «صلاة الأولى» ، و «دار الآخرة» ، وإضافة الصفة إلى موصوفها ، نحو قوله تعالى : (جَدُّ رَبِّنا)(١). أي : ربّنا الجدّ ، أي : العظيم ، فقدمت الصفة ، وأضيفت إلى موصوفها ، ومنه قول الشاعر :
يا قرّ إنّ أباك حيّ خويلد |
|
... (٢) |
أراد : خويلد الحيّ ، فقدّم الصفة وأضافها إلى موصوفها. وإضافة «أفضل» ، فمنهم من قال : إضافة هذا غير محضة ، واستدلّ بأنّ فيه إضافة الشيء إلى نفسه ، وإضافة الشيء إلى نفسه لا تعرف ولا تخصص ، وهذا عندنا ليس من إضافة الشيء إلى نفسه ، لأنّه يتخرّج على أن يكون قولك : «صلاة الأولى» ، معناه : صلاة الساعة الأولى ، وكذلك «مسجد الجامع» معناه : مسجد الوقت الجامع ، وكذلك «دار الآخرة» معناه : دار الإقامة الآخرة» ،
__________________
المعنى : يستعطف الحطيئة الخليفة عمر بن الخطاب الذي رماه في السجن بسبب هجائه ، ويطلب عفوه لأنه معيل أسرته وأولاده.
الإعراب : ألقيت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. كاسبهم : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «هم» : ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. في قعر : جار ومجرور متعلقان بـ (ألقيت). مظلمة : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فاعف : «الفاء» : استئنافية ، «اعف» : فعل أمر مبني على حذف حرف العلّة ، والضمة دلالة على الواو المحذوفة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). عليك : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدّم محذوف. سلام : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، خبره محذوف تقديره (سلام حالّ عليك). الله : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة. يا : حرف نداء. عمر : منادى مفرد علم ، مبني على الضمّ في محلّ نصب مفعول به لفعل النداء المحذوف.
وجملة «ألقيت» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «فاعف» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «سلام الله عليك» : اعتراضية لا محلّ لها ، وجملة «يا عمر» : استئنافية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله : «كاسبهم» فالإضافة هنا إلى غير مفعولها فهو لا يكسبهم بل يكسب لهم.
(١) سورة الجن : ٣.
(٢) تقدم بالرقم ١٠٥.