فحذف الموصوف ، وأقيمت الصفة مقامه في ذلك كله.
وأما إضافة الصفة إلى موصوفها ، فيتخرّج على أن لا يكون فيه إضافة الشيء إلى نفسه ، بل يجعل الاسم مضافا إلى المسمى ، فكأنّ قوله تعالى : (جَدُّ رَبِّنا)(١) : عظيم هذا اللفظ الذي هو ربّنا ، كما قالوا : «هو ذو زيد» ، أي : صاحب زيد الذي هو هذا اللفظ. وكذلك يتخرج قوله : «إنّ أباك حيّ خويلد» : إنّ أباك صاحب هذا اللفظ الذي هو خويلد.
وأما «أفعل» التي للمفاضلة ، فاستدلّ الذي زعم أنّ إضافتها غير محضة بأنّك إذا قلت : «مررت برجل أفضل القوم» ، تصف بها النكرة فنعتّ «رجل» بـ «أفضل» القوم دليل على أنّ إضافتها غير محضة إذ لو كانت معرفة لم يجز ذلك. والذي زعم أنّ إضافتها محضة ، خرّج ذلك على البدل ، فيكون من بدل المعرفة بالنكرة ، وذلك باطل ، لأنّ البدل بالمشتق يقل ، وذلك أنّ البدل في نيّة استئناف عامل فهو في التقدير يلي العامل ، والصفة المشبهة لا تلي العامل إلّا بشروط وليس هذا مما فيه الشروط.
وكون العرب تقول : «مررت برجل أفضل القوم» ، كثيرا دليل على أنّه نعت وليس ببدل ، إذ لو كان بدلا لما كان ذلك كثيرا ، فثبت أنّ إضافتها غير محضة ، وهو مذهب سيبويه ، رحمهالله.
وأما اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والأمثلة ، والصفة المشبهة فلم تتعرّف بالإضافة ، لأنها إضافة من نصب ، والنية بها الانفصال.
ولم يتعرّف «واحد أمّه» و «عبد بطنه» لأنّهما في معنى : واحد تم بطنه وتارك أمّه ، ولم يتعرّف «أفعل» التي للمفاضلة ، لأنّها تتقدر بالفعل والمصدر ، وكلاهما نكرة. ولم يتعرّف «قيد الأوابد» ، و «عبر الهواجر» لأنّهما من قبيل أسماء الفاعلين ، بمعنى الحال والاستقبال ، لأنّ معنى «عبر الهواجر» : عابرة الهواجر ، ومعنى «قيد الأوابد» : مقيّد الأوابد.
وأمّا «غيرك» و «شبهك» ، و «مثلك» ، وأخواتها ففيها خلاف. فزعم الأخفش أنّ الذي أوجب لها أن لا تتعرّف أنّ الأسماء في أول أحوالها نكرات ، ثم يدخلها بعد ذلك التعريف بالألف واللام ، نحو : «الرجل» و «الفرس» ، أو بالإضافة ، نحو : «غلام الرجل» ، أو بالعلمية ، نحو : «زيد» و «عمرو» ، فإنّهما كانا قبل أن يسمّى بهما نكرات ، ثم تعرفا بعد ذلك
__________________
(١) سورة الجن : ٣.