واختلف النحويون في السبب الذي لأجله بني العلم في النداء والنكرة المقبل عليها ، فمنهم من زعم أنهما بنيا لوقوعهما موقع الضمير ولشبههما به في الإفراد والتعريف.
أما شبههما به في التعريف فبيّن جدا. وأمّا وقوعهما موقع الضمير فإنّهما مقبل عليهما مخاطبان ، والخطاب إنّما ينبغي أن يكون بضمائره المختصة به ، ألا ترى أنك تقول للمخاطب : «قمت» ، ولا تقول له : «قام زيد» ، إذا كان اسمه زيدا.
والدليل على أنّ الوضع في الأصل إنما هو للضمير مجيئه على ذلك في ضرورة الشعر. قال الشاعر [من الرجز] :
٥٠٣ ـ يا أقرع بن حابس يا أنتا |
|
أنت الذي طلّقت عام جعتا |
قد أحسن الله وقد أسأتا |
__________________
وجملة «فيا شاعرا» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «لا شاعر مثله» : في محلّ نصب صفة لـ (شاعرا). وجملة «تواضع موجود في كليب» : استئنافية لا محل لها. وجملة «هو جرير» : استئنافية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله : «فيا شاعرا» حيث نصب «شاعرا» مع أنه يريد شاعرا معروفا ، وليس نكرة غير مقصودة.
٥٠٣ ـ التخريج : الرجز للأحوص في ملحق ديوانه ص ٢١٦ ؛ وشرح التصريح ٢ / ١٦٤ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٢٣٢ ؛ ولسالم بن دارة في خزانة الأدب ٢ / ١٣٩ ـ ١٤٣ ، ١٤٦ ؛ والدرر ٣ / ٢٧ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٦٣ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٢٥ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٣٥٩ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٣ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٠١ ؛ وشرح المفصل ١ / ١٢٧ ، ١٣٠ ؛ والمقرب ١ / ٧٦ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٧٤.
شرح المفردات : الأبجر : في الأصل ، العظيم البطن.
الإعراب : «يا» : حرف نداء. «أقرع» : منادى مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب. «بن» : نعت «أقرع» منصوب ، تبعه في المحلّ ، وهو مضاف. «حابس» : مضاف إليه مجرور. «يا» : حرف نداء. «أنتا» : منادى مبنيّ على الضم في محلّ نصب ، والألف للإطلاق. «أنت» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. «الذي» : اسم موصول في محلّ رفع خبر المبتدأ. «طلّقت» : فعل ماض ، والتاء ضمير في محلّ رفع فاعل. «عام» : ظرف زمان منصوب ، متعلق بـ «طلّقت». «جعتا» : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنت» ، والألف للإطلاق.
وجملة النداء : «يا أقرع» ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة النداء الثانية : «يا أنت» استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة : «أنت الذي ...» استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة : «طلقت» صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «جعتا» في محلّ جرّ بالإضافة.
الشاهد قوله : «يا أنتا» حيث نادى الضمير ممّا يدلّ أنّ المنادى العلم والمنادى النكرة المقبل عليها وضعا موضع الضمير.