دارا بعينها ، بدليل قوله : «هجت للعين عبرة» ، فالجواب : إنّ الأبلغ من طريق المعنى أن لا يريد دارا معيّنة من ديار حزوى بل مأوى من ديار حزوى هاج عبرته ، أيّ دار كانت ، وكذلك قول الآخر.
لعلّك يا تيسا نزا في مريرة |
|
... (١) |
وإن كان قد كنّى بالتيس عن معلوم عنده ، فهو مجهول عند المخاطب أيضا ، فهما نكرتان لأنّ الاسم إنّما يكون معرفة إذا كان معلوما عند المخاطب كما هو عند المتكلم. وأما إذا كان معلوما عند المتكلم مجهولا عند المخاطب ، فهو نكرة. وأيضا فإنّ الشاعر وإن كان قد كنى بالتيس عن معلوم عنده ، وكنّى الآخر بالنخلة عن معلومة عنده ، فإنّ المكنّى به مجهول عندهما ، ألا ترى أنّ النخلة التي كنّى بها لا تخصّ نخلة دون نخلة ، وكذلك التيس لا يخصّ تيسا دون تيس ، فأمّا قول الصلتان [من الطويل] :
٥٠٢ ـ فيا شاعرا لا شاعر اليوم مثله |
|
جرير ولكن في كليب تواضع |
فنصب «شاعرا» ، وهو إنما يريد «جريرا» خاصة ، فكان ينبغي أن يكون مبنيّا على الضم ، فخرجه سيبويه ، رحمهالله ، على أن يكون المنادى محذوفا ، و «شاعرا» منصوب على الإغراء ، كأنه قال : يا قوم عليكم شاعرا.
__________________
(١) تقدم بالرقم ٤٩٨.
٥٠٢ ـ التخريج : البيت للصلتان العبدي في خزانة الأدب ٢ / ١٧٤ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦٥ ، ٥٦٨ ؛ والشعر والشعراء ١ / ٥٠٨ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٧٨ ؛ والكتاب ٢ / ٢٣٧ ؛ ولسان العرب ١ / ٧١٣ (كرب) ؛ والمؤتلف والمختلف ص ١٤٥ ؛ ومعاهد التنصيص ١ / ١١٩ ؛ وبلا نسبة في المقتضب ٤ / ٢١٥.
اللغة : كليب : اسم قبيلة عربية.
المعنى : يريد أن جريرا شاعر ونابغة في قبيلة وضيعة.
الإعراب : فيا : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «يا» : حرف نداء. شاعرا : منادى منصوب بالفتحة. لا : حرف نفي يعمل عمل (إن). شاعر : اسم (لا) منصوب بالفتحة. اليوم : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بـ «لا» لما فيها من معنى النفي ، أو بـ «مثله» لما فيها من معنى التشبيه. مثله : خبر (لا) مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. جرير : خبر لمبتدأ محذوف. ولكن : «الواو» : استئنافية ، «لكن» : حرف استدراك. في كليب : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدّم محذوف. تواضع : مبتدأ مؤخّر مرفوع بالضمة ، بتقدير (تواضع موجود في كليب)