بالكسرة لكن قليلا ، وتقول : «جاءني غلام» ، فيجوز أيضا على قلّة ، وأنشدوا قوله [من الوافر] :
٥١٤ ـ ذريني إنّما خطئي وصوبي |
|
عليّ وإنّما أنفقت مال |
فهذا عند أبي عمرو جائز ، والمعنى عنده : وإنّما أهلكت مالي. وردّه أبو زيد الأنصاري ، وقال : معناه : إنّ الذي أهلكت مال لا عرض. والقول الأول أحبّ إليّ ، وسبب ذلك أنّه يكون مطابقا للصدر لأنه يقول لها : اتركيني فإنّ خطئي وصوابي عليّ وإنّما أهلكت مالي فلا تلوميني. وإذا قلت : وإنّ الذي أهلكت مال لا عرض ، فهو يعتذر لها وليس في صدر البيت اعتذار بل زجر لها.
__________________
٥١٤ ـ التخريج : البيت لأوس بن غلفاء في إنباه الرواة ١ / ١٢٠ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٣١٣ ؛ والدرر ٥ / ٥٦ ؛ والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٠ ؛ ولسان العرب ١ / ٥٣٥ (صوب) ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤٩ ؛ ونوادر أبي زيد ص ٤٦ ؛ ولابن عنقاء (أغلب الظن أنه تحريف لابن غلفاء) الفزاريّ في الأشباه والنظائر ٦ / ١٩٤ ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٣٠٥١ ، ١٣١١.
اللغة : ذريني : اتركيني. صوبي : صواب ما أفعله.
المعنى : اتركيني أفعل ما يحلو لي ، فما أفعله ينعكس عليّ وحدي ، خطأ كان أم صوابا ، فإنما أنا أنفق مالي ، وعرضي وافر مصان.
الإعراب : ذريني : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المخاطبة المؤنثة ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. إنما : كافّة ومكفوفة. خطئي : مبتدأ مرفوع بضمّة مقدّرة على ما قبل ياء المتكلم ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. وصوبي : «الواو» : للعطف ، «صوب» : معطوف على (خطئي) مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. عليّ : جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف ، بتقدير (خطئي مردود عليّ). وإنما : «الواو» : استئنافية ، «إنما» : «إن» : حرف مشبّه بالفعل ، «ما» : اسم موصول في محلّ نصب اسم «إن». أنفقت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. مال : خبر «إنّ» مرفوع بالضمّة ، بتقدير (وإنما أنفقته مال).
وجملة «ذريني» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «خطئي عليّ» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «وإن الذي أنفقته مال» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «أنفقت» : صلة الموصول لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «أنفقت مال» حيث رفع (مال) على أنه قصد (مالي) ثم حذف ياء الملكيّة وضمّ اللام.