فإن قيل : هلّا من لغته أن ينوي في «ثمود» : يا ثمي ، لأنّ «يا ثمو» خرج عن كلامهم ، فلا ينبغي أن يراعى في ذلك المحذوف لأنّه يؤدي إلى ما لم يوجد؟
فالجواب : إنّ الواو المتطرفة المضموم ما قبلها لم تمتنع لذاتها ، وبما امتنعت لما يؤدّي إليه ذلك من مخافة لحاقه بالإضافة وياءي النسب ، فيكثر الترخيم وأنت في حال الترخيم قد أخذت من ذلك ، فلا يعبأ بها فرعي المحذوف ، إذن ها هنا ممكن. وكذلك أيضا يمكن في «كروان» و «طفاوة» رعي المحذوف ولا يؤدّي إلى مثل المسائل الأولى لأنّ تحريك الواو وانفتاح ما قبلها عارض ، فصار بمنزلة لا يلتفت إلى العارض فيها ، فلذلك لم يلتفت هنا إلى حذف الألف والنون ، فحملت الشيء على نظيره.
وكذلك «طفاوة» ، لأنّ هذا الإعلال عارض ، فلا ينبغي أن يلتفت إليه أصلا ، فاحتملت الواو طرفا.
وكل مرخّم يجوز ترخيمه على اللغتين معا ، إلّا ما ذكرنا من الصفات ، فإنّها لا ترخّم إلّا على لغة من نوى خاصة ، لأنّه يلتبس بما ليس بمرخّم. وكذلك إذا رخّمت «يا حبلويّ» ، فإنّك تقول : يا حبلو ، ولا تقول : «يا حبلى» ، لما يؤدي إليه من أن يكون ألف التأنيث منقلبة ، ولا يجوز أن تكون ألف التأنيث منقلبة أصلا.
وأيضا فالترخيم في كل اسم جار على اللغتين ، إلّا في هذين الموضعين. وممّا فيه خلاف «طيلسان» ، فهل تقول : «يا طيلس أقبل»؟ ففيه خلاف.
قال أبو عمرو : سألت أبا عثمان كيف ترخم «طيلسانا» على لغة من لم ينو؟ فقال : أقول : «يا طليس أقبل» ، فقلت له : ألم تزعم أنه لا يكون «فيعل» في الصحيح؟ فقال لي : قد علمت أنّي أخطأت إنّما أقول : «يا طيلس».
والصحيح أن يجوز ، لأنّ الأوزان لا تراعى في الترخيم ، ألا ترى أن «حار» إنّما هو «فاع» ، وذلك لا يوجد.
وقد كنا ذكرنا ترخيم المدغم الذي قبل آخره حرف مد ولين ، فإن لم يكن قبل آخره حرف مد ولين ، مثل : «محمرّ» ، و «مفرّ» ، فقياس من نوى أن يقول : «يا محمر» ، لأنّ الموجب لسكون الراء قد زال ، و «يا مفر» ، لأنّ الموجب لفتح الفاء قد زال ، لكنهم يقولون : «يا محمر» ، و «يا مفر» ، وعلّة ذلك أنّ هذا الأصل لم ينطق به قط في موضع ،