فيه ثلاثة أوجه : الرفع ، والنصب ، والجزم.
فإن جزمت ، فإنه يكون شريكا للأول ، فيكون المعنى : لا تضرب زيدا ولا تهنه.
وإن نصبت كان الفعل منصوبا بإضمار «أن» ، فيكون معطوفا على مصدر الفعل الأول ، فتقول : «لا يكن منك ضرب فيكون بسببه إهانة» ، فهذا يفارق معنى العطف والجزم ، لأنّك في الجزم تنهاه عن الاثنين ابتداء ، وأنت في النصب نهيته عن أن يكون الفعل سببا للثاني ، فهذان معنيان متصوّران.
والرفع يكون على الاستئناف ، فكأنّك لما قلت : «لا تضرب زيدا» ، قلت مخبرا : فأنت تهينه ، فهذا معنى ثالث مفارق لما تقدم.
وأما الأمر فلا بد أن يكون بفعل أو باسم في معنى الفعل. فإن كان بفعل فإمّا أن يكون معربا أو مبنيا. فإن كان معربا تصوّر فيها بعد الفاء ثلاثة أوجه : الرفع ، والنصب ، والجزم ، فتقول : «لتكرم زيدا فتحسن إليه». فإن جزمت كان شريك الأول ، وكان المعنى : «لتكرم زيدا ولتحسن إليه». ومعنى الرفع بيّن وهو الاستئناف ، كأنّه قال بعد فراغه : فأنت محسن إليه. والنصب على العطف على المصدر المتوهم ، وكأنّه قال : ليكن إكرام فيكون بسببه إحسان ، فأنت أمرته بالإكرام الذي يكون بسببه الإحسان ، بخلاف جزم الفعلين فإنّه يكون أمرا بكلّ واحد منهما ابتداء من غير تقييد.
فإن كان الفعل مبنيّا مثل : «قم فنكرم زيدا» ، فإنّ العطف لا يتصوّر ، لأنّه ليس معك ما تعطف عليه ، ألا ترى أنّ الأول مبنيّ ولا يتصوّر إلّا على مذهب أهل الكوفة حيث يزعمون أنه معرب (١).
فإن قلت : أجزمه بإضمار اللام ، فالجواب : إنّه لا يضمر الجازم إلّا في ضرورة ، مثل قوله [من الوافر] :
٥٤٥ ـ محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من شيء تبالا |
__________________
(١) انظر المسألة الثانية والسبعين من الإنصاف في مسائل الخلاف ص ٥٢٤ ـ ٥٤٩.
٥٤٥ ـ التخريج : البيت لأبي طالب أو للأعشي في خزانة الأدب ٩ / ١١ ؛ وللأعشى أو لحسّان أو لمجهول في الدرر ٥ / ٦١ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٣١٩ ، ٣٢١ ؛ والإنصاف ٢ / ٥٣٠ ؛ والجنى الداني ص ١١٣ ؛ ورصف المباني ص ٢٥٦ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٣٩١ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٥٧٥ ؛