فيجوز ثلاثة أوجه : الرفع ، والنصب ، والجزم. فتقول : «ليغفر الله لزيد فيدخل الجنة ، ولا يغفر الله له فيدخل النار». فإن كان مبنيا مثل : «غفر الله لزيد» ، تصوّر فيما بعد الفاء النصب وكأنّه قال : ليكن غفران فيكون بسببه كذا ، ويتصور الرفع على العطف خاصة إذا كانت الجملة تفهم الدعاء ، فتقول : «غفر الله لزيد فيدخله الجنة» ، لأنّ هذا لا يتصوّر فيه إلّا الدعاء ، ولا يتصوّر الخبر لأنّا نعلم ذلك ، فإذن ثبت أنّها كانت محمولة على ما قبلها وشريكتها في المعنى.
وإن كانت الجملة لا تعطي الدعاء لم يتصور الرفع إلّا على الاستئناف ، ولا يتصور العطف لأنّه لا يكون الفعل الذي ظاهره الخبر دعاء أصلا ، ألا ترى أنّك لا تقول في : «قام زيد» ، أنّه دعاء. وإنّما قلنا ذلك في «غفر الله لزيد» ، لما دل عليه الدليل إذا امتنع فيه الخبر ، لأنّه يكون كذبا إن جعل خبرا.
وأما النفي ، فلا يخلو من أن يكون معه فعل أو لا يكون ، فإن لم يكن معه فعل ، لم يجز النصب ، نحو : «ما زيد أخوك فيأتينا» ، إلّا أن يكون ثم ظرف أو مجرور فإنّ النصب يتصوّر ، مثاله : «ما لي مال فأنفق منه».
فإنّما يكون ـ إذا لم يكن ظرفا ولا مجرورا ـ مرفوعا على الاستئناف أو على العطف ، عطف جملة فعلية على اسمية ، أو اسمية على فعلية.
فإن لم يكن ثمّ فعل تصور الرفع والنصب. فالرفع إما على الاستئناف ، وإما على العطف. فإن استأنفت كان المعنى : ما تأتينا فأنت تحدّثنا. وإن عطفت كان شريكا للأول في النفي ، فيكون المعنى : ما تأتينا وما تحدّثنا. وإن نصبت فإنّما تنصب على إضمار «أن» ، فتعطف مصدرا على مثله ، فالمعنى إذا نصبت : ما يكون إتيان فحديث ، وعلى هذا المعنى تنصب. وهذا الكلام يقال على معنيين : إمّا : ما يكون إتيان فيكون بسببه حديث ، أي : ما تأتي فكيف تحدّث ، أي : أنّ الحديث كان يكون لو أتيت ، وأنت لا تأتي فكيف تحدّث ، فهو ينفي الحديث والإتيان.
فإن قيل : هذا أحد معنيي الرفع ، قلت : لا بل نفيتهما في الرفع ابتداء ، ونفيت هنا الحديث الذي يكون سببه الإتيان.