أما قوله [من الكامل] :
٤٠٥ ـ يا ليلة خرس الدّجاج سهرتها |
|
ببغداد ما كادت إلى الصّبح تنجلي |
فأما أبو علي فتأول هذا البيت بأن جعل الليلة لطولها كالجمع فكأنّ كل جزء من هذه الليلة ليلة ، والعرب قد تفعل مثل هذا ، حكى من كلامهم : «ثوب أخلاق» ، و «برمة أعشار» (٢) و «ضبع حضاجر» (٣) ، للعظيم البطن.
وهذا الذي تأول به أبو علي الفارسي حسن لو لا أنّ يعقوب حكى عن الأصمعي أنّ العرب تقول : «ليلة خرس» ، إذا لم يسمع فيها صوت ، والعرب قد تسكن «فعلا» فتقول في «عنق» : عنق ، وفي «أذن» : أذن ، وفي «طنب» : طنب. فعلى هذا لا إشكال في البيت. لأنه من وصف المفرد بالمفرد.
__________________
٤٠٥ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في لسان العرب ٣ / ٩٤ (بغدد) ، ١٣ / ٥٨ (بغدن) ؛ والمخصص ١٦ / ١٦٣ ؛ وتاج العروس (بغدن).
اللغة : ليلة خرس : ليلة لا يسمع فيها صوت.
المعنى : يشتكي الشاعر من ليلة طويلة ، لا تكاد تنجلي ، شديدة الوطأة ، لا يسمع فيها صوت لشيء حتى الدجاج ، وهذه الليلة سهرها الشاعر في بغداد.
الإعراب : يا ليلة : «يا» : حرف نداء ، «ليلة» : منادى نكرة غير مقصودة منصوب بالفتحة. خرس : صفة لليلة منصوبة مثلها. الدجاج : مضاف إليه مجرور. سهرتها : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. ببغداد : «الباء» : حرف جر ، و «بغداد» : اسم مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة ، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (سهرت). ما كادت : «ما» : نافية «كادت» فعل ماض ناقص مبني على الفتح ، و «التاء» : تاء التأنيث الساكنة ، واسمها ضمير مستتر تقديره (هي). إلى الصبح : جار ومجرور متعلقان بخبر كادت. تنجلي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي).
وجملة «يا ليلة خرس» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «سهرتها» : في محلّ نصب صفة. وجملة «ما كادت تنجلي» : في محل نصب صفة. وجملة «تنجلي» : في محلّ نصب خبر كادت.
والشاهد فيه قوله : «يا ليلة خرس الدجاج» حيث وصف المفرد بالجمع.
(١) البرمة : القدر من الحجارة. والأعشار : جمع عشر ، وهو القطعة تنكسر من القدر. وقيل : المعنى : قدر عظيمة لا يحملها إلّا عشرة.
(٢) حضاجر : اسم للذكر والأنثى من الضباع.